معراج – القدس
باب الخليل، أحد الأبواب التاريخية البارزة لمدينة القدس، يقع في الحائط الغربي للبلدة القديمة، ويحمل عدة أسماء متداخلة تعكس تعدد استخداماته عبر العصور، منها: باب يافا، باب بيت لحم، وباب المحراب. يُعد هذا الباب أحد أبرز مداخل المدينة، وشاهداً على مسيرة طويلة من التاريخ المتقلب للقدس، حيث امتزجت فيه فترات الرومانيين والصليبيين والعثمانيين والبريطانيين، وصولاً إلى الأحداث المعاصرة.
تشير المصادر التاريخية إلى أن أساسات باب الخليل بُنيت في العهد الروماني، وقد استُخدم لاحقاً خلال فترة الصليبيين كمدخل رئيسي للحجاج المسيحيين والزوار الأجانب الراغبين في زيارة المدينة المقدسة. ومع مرور الزمن، شهد الباب تحولات كبيرة، فقد قام العثمانيون ببناء شكله الحالي، وذلك بعد هدم جزء من سور القدس الملاصق له عام 1898 لتوسيعه وتسهيل الحركة من خلاله.
وحمل باب الخليل خلال القرن العشرين أحداثاً مفصلية في تاريخ الصراع بالقدس. ففي عام 1917 اقتحم البريطانيون المدينة عبر هذا الباب، ليتركوا أثراً واضحاً في مسار الاحتلال البريطاني للمدينة.
وفي عام 1920، شهد الباب أول اصطدام دموي بين الفلسطينيين واليهود، ما مهد لسلسلة من الأحداث العنيفة في العقود التالية. ثم شهد عام 1922 هدم بعض العقارات القريبة منه بأوامر بريطانية، في خطوة أثرت على البنية السكانية المحيطة بالباب.
كما لم يغفل التاريخ دور الباب خلال النكبة عام 1948، إذ وقعت أعنف المعارك بين قوات الاحتلال والجيش الأردني في محيطه، قبل أن يتحول مجدداً في عام 1967 إلى نقطة اقتحام البلدة القديمة عند استكمال الاحتلال الإسرائيلي للقدس.
اليوم، يُعد باب الخليل الباب الرئيسي الذي يستخدمه السياح والمستوطنون للدخول إلى البلدة القديمة، محافظاً على مكانته التاريخية كمدخل حيوي، وشاهد على تاريخ طويل من التغيرات السياسية والاجتماعية التي عاشتها المدينة.
كما يظل الباب محط اهتمام الباحثين والمؤرخين، لما يحمله من قيم أثرية ومعمارية تعكس تنوع الحضارات التي مرت بالقدس على مر العصور.

