معراج – القدس
حذّرت محافظة القدس من التصعيد الخطير الذي تنفذه قوات الاحتلال والمستوطنون بحق التجمعات البدوية المنتشرة في محيط المحافظة، مؤكدة أن هذه السياسات الممنهجة تشكل حملة اقتلاع تدريجية تستهدف الوجود الفلسطيني في المناطق الشرقية. وأوضحت المحافظة أن هذه الإجراءات جزء من مخطط استعماري واسع يسعى لخنق الحياة اليومية للأهالي، وتعميق معاناتهم، وتقويض صمودهم من خلال الهدم المتكرر للمساكن والمنشآت، وملاحقة الرعاة، وقطع الطرق، والسيطرة على الموارد الطبيعية، وفي مقدمتها مصادر المياه.
وأشارت المحافظة في بيان أصدرته الخميس إلى أن هذه السياسات تترك آثارًا اجتماعية واقتصادية بالغة الخطورة، تهدد استقرار العائلات البدوية وتعرضها لخطر التهجير القسري، بما يتعارض مع القانون الدولي الإنساني. وأضافت أن التجمعات الممتدة بين مخماس شمالًا وواد النار جنوبًا تواجه انتهاكات متصاعدة، تشمل حرمان السكان من البنية التحتية والخدمات الأساسية، والاستيلاء على الأراضي والممتلكات، ومهاجمة الأهالي، وقطع خطوط المياه، وسرقة المواشي، وإتلاف محاصيل القمح والشعير.
كما أشارت المحافظة إلى وجود 21 بؤرة رعوية استعمارية تُستخدم كأدوات ضغط لطرد السكان ومنعهم من الوصول إلى مراعيهم الطبيعية. وأوضحت أن أزمة المياه تجبر سكان تجمعات مثل واد سنيسل والواد الأعوج على شراء المتر المكعب بعشرة شواكل، وهو ضعف السعر المفروض، في سياسة تستهدف إنهاك التجمعات اقتصاديًا ودفعها للرحيل.
وأكدت المحافظة أن انهيار البنية المعيشية وتراجع مصادر الدخل زاد من معاناة الأهالي، حيث لم يعد الرعاة قادرين على الوصول إلى مراعيهم، وفقدت العديد من الأسر جزءًا كبيرًا من ثروتها الحيوانية والزراعية نتيجة الاعتداءات المتواصلة، فيما تمنع سلطات الاحتلال أي مشاريع تطويرية أو خدماتية للمؤسسات الفلسطينية والدولية داخل هذه التجمعات، في سياسة تُعرف بأسلوب “القضم البطيء”.
وأوضحت محافظة القدس أن التجمعات البدوية البالغ عددها 33 تجمعًا، ويقطنها أكثر من 7,000 مواطن فلسطيني، تشكل مكونًا أصيلًا من الهوية الوطنية والوجود الفلسطيني المتجذر، خاصة في ظل موقعها الاستراتيجي ضمن المناطق المستهدفة في مشروع “القدس الكبرى” ومخطط E1، الذي يسعى الاحتلال من خلاله إلى فصل القدس عن محيطها الشرقي وقطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.
ودعت المحافظة إلى تحرك وطني رسمي وشعبي عاجل لحماية التجمعات البدوية، عبر دعم القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، وتوفير الأعلاف، وإعفاء الأهالي من ديون المياه الباهظة، وتشكيل لجان حراسة للتجمعات المحاصرة، وتوفير فرص عمل للشباب، وتنظيم زيارات رسمية وشعبية لكسر العزلة التي يفرضها الاحتلال. كما دعت المؤسسات الدولية والحقوقية إلى التدخل الفوري لحماية أكثر من 7,000 مواطن من خطر التهجير القسري وإلزام الاحتلال باحترام التزاماته القانونية، مشددة على أن حماية التجمعات البدوية هي حماية لآخر ما تبقى من الامتداد الحيوي للقدس الشرقية ولمستقبل الوجود الفلسطيني فيها.

