القدس المحتلة – شبكة معراج
سوق العطارين أحد أقدم الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس غرب المسجد الأقصى.
ويربط بين سوق خان الزيت وسوق الحصر، بموازاة سوق اللحامين، وهو السوق الأوسط من 3 أسواق، حيث يشكل القسم الأوسط أيضا من شارع الكاردو، وهو سوق روماني قديم، تبلغ مساحته نحو 8 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع) ويوجد فيه ما يزيد عن 56 حانوتا متلاصقة.
وقد سمي السوق نسبة إلى ما يباع في محلاته التجارية من بهارات وأعشاب طبيعية، ويقع سوق العطارين داخل البلدة القديمة في القدس غرب المسجد الأقصى، ما بين سوق اللحامين وسوق الخواجات للأقمشة، وبعد سوق خان الزيت، الذي يتم الدخول إليه عبر باب العامود.
ولهذا السوق 4 مداخل: مدخل من الشمال، مدخل من الجنوب، ومدخلان من الوسط من سوق اللحامين وسوق الخواجات.
ويقع السوق ضمن المنطقة الغربية من السور كما هو موضح في خريطة مأدبا الفسيفسائية، وهي جزء من أرضية فسيفسائية ضمن الكنيسة البيزنطيّة القديمة في مدينة مأدبا بالأردن.
وتصف الخريطة منطقة شرق المتوسط في العصر البيزنطي، وهي أقدم خريطة أصليّة للأراضي المقدسة، ويعود إنشاؤها إلى سنة 560 م.
توجد اليوم داخل كنيسة القديس جوارجيوس، التي بُنيت في عام 1896 فوق بقايا الكنيسة البيزنطيّة.وتمتد خريطة مأدبا على جزء من أرضية الكنيسة، وتشكّل مدينة القدس مركزا لها، كما تظهر فيها عدّة مواقع في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان ومصر.
سمي سوق العطارين بهذا الاسم نسبة إلى مهنة العطارة التي انتشرت فيه، والتي كان أصحابها يستوردون التوابل على اختلاف أنواعها في ذلك الحين من الهند والصين ومن بلاد فارس.
كما أُطلق على سوق العطارين وسوقي اللحامين والخواجات اسم السوق الثلاثي، لأنّ هذه الأسواق الثلاثة متلاصقة، يتوسطها سوق العطارين ويقع سوق اللحامين غربه والخواجات شرقه.
سوق العطارين سوق تاريخي يعود إلى العهد الروماني، إذ أُنشئ في الفترة الرومانية، ثم أُعيد بناؤه في الفترة الإسلامية خلال حكم الخليفة عمر بن الخطاب.
وقد شهد السوق تجديدا ملحوظا في العصر الصليبي، إذ يُظهر سقفه معالم من تلك الفترة، مع أقواس مزخرفة عليها عبارات تشير إلى كنيسة سانت آن للروم الكاثوليك، وتقع شمالي المسجد الأقصى، بين باب حطة وباب الأسباط.
وقد أعاد الصليبيون بناءها عندما احتلوا القدس عام 1099م، وكانت تُعرف باسم كنيسة القديسة حنة أو “صند حنة”، وبعد التحرير الأيوبي، حولها صلاح الدين الأيوبي في 1188م إلى مدرسة للفقهاء الشافعيين، وسميت فيما بعد بـ”الصلاحية”، وكانت حوانيت هذا السوق وقفا لهذه الكنيسة.
في العهد المملوكي استكمل بناء السوق، وأضفى عليه المماليك طابعا خاصا بالعطارة، وذلك لأنهم كانوا يتحكمون في التجارة العالمية التي كانت تمر عبر الهند والبحر الأحمر وخليج السويس، وصولا إلى ميناء بورسعيد ومن ثم إلى أوروبا، ولذلك اشتهر سوق العطارين ببيع العطور، وبرزت مصر معبرا رئيسيا لهذه التجارة، مما منح القدس نصيبها منها.
لسوق العطارين أهمية ومكانة خاصة بين الناس لما يمثله من مكان تاريخي عريق في الماضي، إذ كان مكانا لتجارة العطارة، يؤمه الناس من جميع البلاد لعراقته في العطارة التي تستعمل لمداواة المرضى بسبب ندرة الأدوية آنذاك.
وتسيطر الجمعيات الاستيطانية على سطح سوق العطارين، وبعد استيلائها على أحد منازل المقدسيين هناك حوّلته إلى كنيس وأنشأت مستوطنة غاليتسيا نسبة إلى بلدة في بولندا، كما أصبح سقف السوق ممرا للمستوطنين الذين يتنقلون من مستوطنتهم التي فوق السوق إلى الحي اليهودي.
يتعرض تجار السوق الثلاثي لكثير من المضايقات من المستوطنين من خلال الفتحات الجانبية والعلوية للسوق، في محاولات مستمرة لإجبارهم على هجر حوانيتهم لتسهل السيطرة عليها.ولم يستطع الاحتلال الاستيلاء على سوق العطارين، على الرغم من كل الإغراءات المادية التي يعرضها المستوطنون على التجار لترك محلاتهم وبيعها.