شرعت “منظمات الهيكل المزعوم” بحشد أنصارها لتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى، في عيد “الأنوار- الحانوكاة”، الذي يبدأ في 18 كانون الأول/ديسمبر المقبل، ويستمر لمدة ثمانية أيام.
وعادةً ما يتخلل العيد اليهودي تنظيم حملات ومسيرات استيطانية استفزازية تنادي باقتحام المسجد الأقصى بشكل جماعي وموسع، بالإضافة إلى محاولات لإضاءة الشمعدان في المسجد، وكذلك نصب الشمعدان وإضاءته عند حائط البراق، وحول أبواب المسجد المبارك، خاصة بابي الأسباط والمغاربة.
وفي وقتٍ سابق، تعهد زعيم حزب القوة اليهودية، والمكلف بمنصب وزارة الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، بالعمل على تغيير الوضع القائم حاليا بشأن صلاة المستوطنين في المسجد الأقصى، وشرعنة البؤر الاستيطانية، وتغيير تعليمات فتح إطلاق النار بشأن الفلسطينيين.
مخططات الاحتلال الجديدة بشأن الأقصى!
في هذا السياق، أكد نائب رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، ناجح بكيرات خلال حديثٍ خاص لـ “معراج”، أن حرب الاقتحامات التي ينتهجها المستوطنين لم تعد مرتبطة بأعيادهم، بل أصبحت مرتبطة بسياسات حكومة يمينية متطرفة، فبذلك لم تعد قضية الأعياد هي المنتظرة لزيادة أعداد المقتحمين أو زيادة الرموز التي تصاحب هذه الاقتحامات بقدر ما هي مرتبطة بسياسة يمينية متطرفة.
وأوضح بكيرات أن هذه السياسة اليمينة تريد فرض ثلاثة قضايا محورية في ما يتعلق بواقع المسجد الأقصى المبارك، أولاها، تغيير المشهد تماماً في المسجد الأقصى المبارك من حيث الزمان والمكان والرواية أيضاً، عبر تبنيهم لفكرة أن المسجد الأقصى لابد أن يصبح هيكلاً بحسب روايتهم التوراتية المحرفة، والزمان اليوم لم يعد زماناً إسلامياً في هذا المكان.
وأضاف: “أما القضية الثانية هي أن هذه الحكومة المتطرفة تسعى إلى التغيير الديموغرافي لواقع المدينة عبر تفريغ السكان المقدسيين منها وتقليل أعدادهم بشكل كبير من خلال سياسات الهدم والتهجير والإبعاد والاعتقال والحبس المنزلي وغيرها، فما يجري اليوم هو حرب ممنهجة بهدف تفريغ السكان وخلق هجرة جماعية للوصول إلى مبتغاهم في تحقيق تفوق ديموغرافي” على السكان المقدسيين، مما دعاهم لاختلاق قانون لـ “تحديد النسل” بعد فشلهم في كل السياسات المذكورة”.
مستدركاً، أن الأمر الثالث والبالغ أهميةً هو سعي هذه الحكومة المتطرفة لإلغاء كل ما هو فلسطيني في المدينة المقدسة، عبر تركيزها على ما تبقى من المناهج والمدارس الفلسطينية والوجود الفلسطيني، فنحن أمام حكومة تريد القضاء بشكل جدي على القضية الفلسطينية برمتها، ابتداءً من القضاء على عاصمة الشعب الفلسطيني وهويتها العربية والإسلامية، في محاولة لخداع العرب وفتح علاقات تطبيع جديدة معهم في خارج فلسطين.
ومن جانبه، يرى النائب المقدسي أحمد عطون، أن اقتحامات المسجد الأقصى المبارك تأتي في سياق حملات ممنهجة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وليس تلبيةً لرغبات قطعان المستوطنين، فالاحتلال لا يتعامل بردود الأفعال في هذه الملفات بل يقوم بتكريس قضية أساسية تمثل له جزء من عقيدته وأيدولوجيته وبرنامجه السياسي المغلف بغلاف ديني.
ويضيف خلال حديثٍ خاص لـ “معراج”: “استغلال المناسبات والأعياد اليهودية لزيادة اقتحامات المستوطنين تأتي في سياق “اقتناص الفرص” لجس نبض عالمنا العربي والإسلامي وردود الفعل على التفرد بالأقصى المبارك، وهو يرى أنها تأتي في ظروف مواتية جداً، ونجده يسابق الزمن لفرض أكبر قدر من الوقائع الجديدة على الأقصى، في ظل حالة السبات والانشغالات الكثيرة التي تسيطر على الواقع العربي والإسلامي والتي جعلت الأقصى ليس على سلم أولوياته”.
ويشير عطون إلى أن حكومة الاحتلال اليمينة الجديدة جاءت في سياق طبيعي جداً لتلبية احتياجات المجتمع الإسرائيلي التي تعكس مخرجاته وحالته الصهيونية المتطرفة الموجودة في الداخل، فهي لم تفرض نفسها وإنما جاءت كانعكاس لصورة هذا المجتمع التي تؤكد على تطرف وعنصرية أصوله، مشيراً إلى أنه لا فرق بين يسار ويمين في الحكومات الإسرائيلية فكلهم مجمعون على قضايا أساسية في التعامل مع المجتمع الفلسطيني وواقعه ومقدساته، وما ييفرقهم قضايا داخلية تخص المجتمع الإسرائيلي لا شأن لنا بها.
ماذا يصنع الفلسطينيون أمام هذه المخططات؟
وأمام هذه المسارات الثلاث الذي تنتهجها الحكومة اليمينية المتطرفة قال الشيخ ناجح بكيرات: “إننا كفلسطينيين لازلنا نملك المكان والرواية الحقيقية والتاريخ الحقيقي، وبالتالي فإن روايتنا هي التي ستقف أمام الرواية التوراتية المحرفة وسيبقى المسجد الأقصى هو المسجد الأقصى رغم وجود وتعاقب كل رموزهم المتطرفة سواءً بن غفير أو غيره”.
وتابع بكيرات: “العقبة التي تحاول حكومة الاحتلال التخلص منها ألا وهي “التفوق السكاني للفلسطينيين” ستبقى شوكة في حلقهم، وستبقى أرحام النساء الفلسطينيات تنجب أبطالاً تدافع عن المسجد الأقصى المبارك ولن يستطيع بن غفير ولا غيره أن يوقف هذا التفوق الديموغرافي الذي لازال لصالنا بإذن الله”.
وشدد بكيرات على أن دفاعنا عن هذا الإرث هو دفاع عن هويتنا وكرامتنا ولن نتخلى عنه مهما طال الزمن لافتاً إلى أن تخلي العرب والمسلمين عن الدفاع عن القدس والأقصى اليوم، سيجعل حكومة الاحتلال تتجرأ على فعل ما فعلته بأرضنا في المحيط العربي بأكمله.
من جانبه أكد النائب أحمد عطون، أننا نملك بطاقات ضغط كثيرة جداً على المستوى الفلسطيني الداخلي وعلى المستوى العربي والإسلامي أيضاً يمكن استثمارها للضغط على حكومة الاحتلال ومؤسساته.
فعلى الصعيد العربي والإسلامي لفت عطون إلى أن مصالح الدول العربية والإسلامية مع الدول المتنفذة كثيرة جداً ويمكن استغلالها للضغط على حكومة الاحتلال، مشدداً على أن هناك وسائل ضغط شعبية أيضاً تتمثل في النخب العربية والبرلمانيين والمثقفين والإعلام، فقضية القدس وفلسطين حاضرة بشكل قوي على سلم أولويات وسائل إعلامنا العربية والإسلامية.
وعلى الصعيد الفلسطيني والفصائل، أشار النائب عطون إلى أن لدينا حالة تضامن رسمي وشعبي ومجتمعي نخبوي قوية، ولكن المطلوب أن يكون لدينا برنامج وطني مشترك وخطة جامعة ومرجعية وطنية لاستثمار هذه الحالة والبناء عليها في مواجهة الاحتلال.
يذكر أن دعوات مقدسية انطلقت لتكثيف الحشد للقدس والرباط في المسجد الأقصى، للتصدي لاقتحامات المستوطنين ومخططات الاحتلال، وردا على دعوات “منظمات الهيكل المزعوم”.