يعتبر قرار وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف بالموافقة على تنفيذ مسيرة الأعلام الإسرائيلية للمستوطنين في 29 من مايو/أيار الجاري، ومرورها من البلدة القديمة في القدس المحتلة، بمثابة استجابة مباشرة للرأي العام الذي يقوده المستوطنون المتطرفون، ويؤكد مخاوف الحكومة الحالية من اتهامها بالتراجع والخوف، في ظل تحذيرات المقاومة الفلسطينية بأنها ستتجاوز كل الخطوط الحُمر إذا ما تم تنفيذ هذه المسيرة الاستفزازية.
ها هي مسيرةُ الأعلام الإسرائيلية تعود من جديدٍ إلى الواجهة السياسية والأمنية، بعد أن أسقطتها صواريخ المقاومة الفلسطينية مساء يوم العاشر من مايو/آيار الماضي 2021، وفرقت جمعها ومزقت صفوفها، وأجبرت منظميها على إلغائها، ودفعت بالسلطات الأمنية والسياسية إلى سحب تراخيص تنظيمها، وصرف الأنظار عن تأييدها، إلى أن نفذتها أخيراً على استحياء في الخامس عشر من يونيو/حزيران 2021، بعد ضغوطات شديدة من جماعات المستوطنين المتطرفة،ولكن ليس كما المعتاد، بل غيرت مسارها وطمست كل مظاهرها الاستفزازية خوفاً من مواجهةٍ أخرى.
إذن فالمعادلة اليوم في مدينة القدس المحتلة قد تغييرت، وما كان بالأمس يمر مرور الكرام، بات اليوم يُستنزَف بطرق التفافية لكي يحقق جزءً ولو يسيراً مما خطط له، لرسم انتصارٍ زائف، لا يلبث أن يتكشف فشله في تحقيق غايته عبر سقوطٍ مدوٍّ لمنظوماتهم وحكوماتهم واحدةً تلو الأخرى.
رئيس هيئة الدفاع عن أراضي القدس د. بسام بحر قال في حديث خاص مع “معراج”، إن كل ما يجري في المدينة المقدسة من انتهاكات إسرائيلية وتهويدٍ، ومواصلة لمسلسل الاستيطان وتدنيس المقدسات وعلى رأسها ما يجري في “مسيرة الأعلام الإسرائيلية”، هدفه هو خلق واقع جديد في مدينة القدس المحتلة، وبالتحديد المسجد الأقصى المبارك، بهدف السيطرة الكاملة عليه تمهيداً للوصول إلى “الهيكل المزعوم”.
وشدد بحر على أن تنفيذ الاحتلال ومستوطنيه هذا العام للمسيرة بالشكل الذي يتم الترويج له، ينذر بانتفاضة فلسطينية قادمة، فالانتهاكات المتواصلة واعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال على أبناء الشعب الفلسطيني في كافة المدن الفلسطينية جعلتهم على “فوهة بركان” أو “برميل بارود”، ومسيرة الأعلام ستكون بمثابة الصاعق الأخيرة للانفجار في وجه المحتل.
وأضاف: “للوقوف في وجه هذه الحملة الإسرائيلية التي تهدف إلى “أسرلة مدينة القدس”، نعمل بالاتفاق مع التنظيمات والمجموعات الشبابية للتصدي لها ومحاولة خربطة أوراق المستوطنين على أرض الواقع، لكي لا تمر بسلام”، مشيراً إلى أن مدينة القدس المحتلة تشهد اليوم وحدة وطنية شاملة على كافة المستويات في مواجهة الأخطار المحدقة بالمدينة وانتهاكات الاحتلال المتواصلة بكافة الأشكال والوسائل.
ومن جانبٍ آخر أكدت المرابطة المقدسية زينة عمرو خلال حديثها لـ “معراج”، بأن تهديد الاحتلال المتواصل لتسيير هذه المسيرة هذا العام، يأتي في ظل يقينه بأن صمود أهل القدس والمرابطين والمرابطات وثباتهم في المدينة المقدسة، لن يدع هذه المسيرات تمر بشكلها المعتاد، وكما حدث في العام الماضي فإن أهل القدس على استعداد تام لمواجهتها ومنعها من المرور عبر تصديهم للمستوطنين وقوات الاحتلال بأجسادهم العارية حتى إجبارهم على التراجع.
وحول ما إن كان هناك خطط منظمة من المرابطين للتصدي لهذه المسيرات قالت المرابطة عمرو: “إن من يراقب الأحداث في مدينة القدس ويتابعها يعلم بأن أهل القدس ليس لديهم خطط معلنة بشكلٍ مسبق ومنظم من جهات تدير هذا العمل، وإنما هي نشاطات فردية نابعة من الشعور بالمسؤولية تجاه هذا الوطن ومقدساته، وتظهر في حينها على شكل وحدة شعبية تحت راية المسجد الأقصى، تصدياً لأي شكل من أشكال المساس به”.
ورغم إدراك الشارع الإسرائيلي بأن مواجهاتٍ عنيفة على إثر هذه المسيرة ستندلع مع الفلسطينيين دفاعاً عن مقدساتهم ورفضاً للتهويد، إلا أن أي محاولة من قبل حكومة الاحتلال للتغيير في مسار المسيرة سيقابل برد فعل كبير من جانب المستوطنين، حسبما أشارت له وسائل إعلام عبرية، وصولاً إلى دفع أثمانٍ كبيرة قد تصل إلى إسقاط الحكومة الحالية لأنها لم تكن على قدر آمال المستوطنين وكُسرت هيبتها وإرادتها أمام إرادة أصحاب الحق والمستبسلين في الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم كما أُسقطت سابقاتها لذات السبب.