توافق اليوم الأحد، الخامس عشر من مايو/أيار، ذكرى حدث عالق في الذاكرة الفلسطينية منذ 74 سنة، كارثة الشعب الفلسطيني التي عُرفت باسم “النكبة”.
فقد شكلت النكبة أكبر عملية تطهير عرقي شهدها القرن العشرين، حيث شرد على إثرها قرابة مليون فلسطيني قسرًا من قراهم ومدنهم بقوة السلاح والتهديد إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948، وتم إحلال اليهود مكانهم.
وعلى صعيد القدس المحتلة عاصمة فلسطين الأبدية، فمنذ النكبة وحتى اليوم، تواصل سلطات الاحتلال بإجراءات تهويدية متسارعة، ضمن سياستها في الترحيل والإحلال التي تنتهجها في المدينة المقدسة، وذلك لطمس المعالم الإسلامية، وتشريد الفلسطينيين منها، وإحلال الإسرائيليين القادمين من شتى بقاع الأرض مكانهم.
ففي عام 1993، بدأت عملية تهويد واسعة للمدينة المقدسة سُميت بخطة القدس الكبرى (المتروبوليتان) كخطة عشرية أولى، ثم تبعتها خطط عشرية أخرى تمتد لعام 2020م، وفقاً للمشروع الصهيوني الكبير في فلسطين العربية الإسلامية الكبرى، فيما يطلق عليه يهود فلسطين المحتلة (إسرائيل الكبرى – إسرائيل التوراتية) المزعومة.
وفي سبيل تنفيذ هذا المخطط التهويدي، رصدت سلطات الاحتلال أموالاً طائلة بمئات ملايين الدولارات، بتمويل حكومي وتبرع كبير من بعض أثرياء اليهود، لتحويلها من خطة نظرية إلى إنجاز فعلي على أرض الواقع.
وكانت أبرز سبلها لتحقيق لفرض هذه الخطة على أرض الواقع، مضاعفة البناء الاستيطاني اليهودي، والسعي لإسكان مليون يهودي فيما يسمى “القدس الكبرى”، وعزل وإخراج الأحياء العربية عن مركز القدس بواسطة الجدار اليهودي الفاصل، الذي استطاع عزل قرابة 140 ألف مواطن مقدسي فلسطيني عن القدس الشريف ممن يحملون بطاقة الهوية الزرقاء (الإسرائيلية)، إضافةً لحفر أنفاق يهودية أسفل القرى والبلدات الفلسطينية لربط التجمعات الاستيطانية، ومواصلة حفر الأنفاق حول وأسفل المسجد الأقصى المبارك، وبناء المعابد (الكنس) اليهودية.
ليس هذا فحسب، بل أيضاً بالسعي الحثيث لإنشاء شبكة سكك حديدية وتشغيل قطارات خفيفة لتسهيل تنقّل المستوطنين، وتركيب مصاعد كهربائية بالقرب من الأنفاق الأرضية، إضافة لهدم مئات المنازل العربية الفلسطينية في جميع أنحاء المدينة المقدسة وضواحيها، بحجة عدم الترخيص، وعبرنة أسماء الأحياء والمناطق العربية والإسلامية بالتزوير والتزييف الرسمي والبلدي المتعمّد.
سلطات الاحتلال وخلال العام المنصرم 2021 وحده، صادقت على بناء أكثر من 12 ألف وحدة استيطانية غالبيتها في القدس، في الوقت الذي قامت فيه سلطات الاحتلال بهدم أكثر من 300 مبنى، وأصدرت قرارات هدم لأكثر من 200 مبنى، بالاضافة للمصادقة على مشروع للاستيلاء على 2,050 عقارا فلسطينيا، على مساحة تقدر بحوالي 2,500 دونم.
أما في حيّي الشيخ جراح وسلوان بالقدس المحتلة، عززت سلطات الاحتلال جهودها للاستيلاء على منازل الفلسطينيين، وطرد سكانها الذين يقطنون هناك منذ فترة طويلة. فعلوا ذلك بموجب قانون تمييزي، أيدته المحاكم الإسرائيلية، وبموجبه يُسمَح لهذه الجماعات بمتابعة مطالبات لأراضٍ تزعم أن اليهود كانوا يمتلكونها في شرقي القدس قبل عام 1948.
في الوقت ذاته، يحظر القانون الإسرائيلي على الفلسطينيين بمن فيهم سكان حي الشيخ جراح المقرر تهجيرهم، استعادة الممتلكات التي كانوا يمتلكونها في الأراضي المحتلة عام 1948.
ولا زالت سلطات الاحتلال تواصل سياساتها في التوسع الاستيطاني في المدينة المقدسة حتى اليوم، فبحسب جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني فإن حوالي 47% من المستوطنين الإسرائيليين، يسكنون في محافظة القدس، حيث بلغ عـددهم 332,294 مستوطنا، منهم 246,909 مستوطنين في القدس، وتشكل نسبة المستوطنين إلى الفلسطينيين في المدينة حوالي 71 مستوطناً مقابل كل 100 فلسطيني وهي النسبة الأعلى مقارنةً بالمحافظات الفلسطينية الأخرى.