في مدينة العقبة الأردنية، لقاءٌ خماسي أمني جاء ليؤكد عجز جيش الاحتلال الإسرائيلي عن حسم المعركة ضد رجال المقاومة، ويؤكد أن السياسة الأمريكية لا تصب إلا في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي، متجاهلاً عدوانه على المقدسات، ومصالح الشعبين المصري والأردني، التي تقوم على عدم التفريط بالمقدسات الإسلامية.
جاء هذا المؤتمر على إثر هوسٍ أمنيٍ أصاب الاحتلال نتيجةً لتصاعد عمليات المقاومة ضده، ومع العجز الفاضح للسلطة في بسط هيمنتها على شباب القدس والضفة الغربية، فلم تجد أمريكا و(إسرائيل) من بد إلا الدعوة لمؤتمر عقبة جديد، يضم الساسة أنفسهم، والسياسة نفسها، والتي تقوم على احتواء الغضب الفلسطيني، والالتفاف على ثورة الشباب، وتقديم الفتات من التصريحات، والكثير من المال الأمريكي.
مؤتمرٌ جاء ليؤسس لإنشاء قوة أمنية تتكون من 12 ألف مجند فلسطيني يمكنون السلطة من السيطرة على الضفة والقدس، وتحديداً نابلس وجنين، تلبية متطلبات الأمن الإسرائيلية كما تطلبه (إسرائيل) وأميركا، وفي المقابل يمكن عند تحقيق ذلك أن تدرس تل أبيب فكرة وقف دخول المدن الفلسطينية. ومن هنا جاءت مقولة: إن الأطراف العربية تناقش وقف الإجراءات الأحادية التي تقوم بها (إسرائيل).
الباحث المقدسي ورئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي يقول في حديثٍ خاص لـ “معراج”، إن قرار الذهاب لقمة العقبة لم يكن بإرادة من السلطة الفلسطينية، وإنما جاءت بأوامر سلطوية للاحتلال وأتباعه عليها ولأجل ذلك استجابوا لتلك الدعوة وذهبوا لحضور هذه القمة والتوقيع على ما سيأتي بها، وهم يعلمون يقيناً أن الشعب الفلسطيني مدركٌ بدرجة كبيرة أن هذه القمة ضد الشعب الفلسطيني بأكمله.
ويشدد الهدمي على أن مشاركة سلطة حركة “فتح” في رام الله هو عار على حركة “فتح” وقيادتها التي شاركت، ويدلل بما لا شك فيه أن حركة فتح تقوم بدور خياني للشعب الفلسطيني، عندما عبروا عن قبولهم وقف مناقشة خطط إقامة المزيد من البؤر الاستيطانية لمدة محددة لا تتجاوز بضعة أشهر، وهذا ما أكده سموتريتش عندما قال: “لن يتم تجمد البناء الاستيطاني ولو ليوم واحد. هذا ضمن مسؤولياتي”، مضيفاُ أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيواصل العمل على “إحباط الإرهاب” في الضفة “دون أية قيود”.
مصدر إسرائيلي رفيع، قال في إحاطة لوسائل إعلام إسرائيلية، إنه تم الاتفاق في العقبة على تشكيل لجنة أمنية مشتركة لبحث تجديد التنسيق الأمني، و”استعداد وقدرة” السلطة الفلسطينية على تحمل مسؤولياتها في “مواجهة الإرهاب”، وذلك في أعقاب انتهاء اللقاء، مضيفاً أن أن الوفد الإسرائيلي شدد على أنه لن يتم إجراء تغييرات في القرارات الاستيطانية السابقة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية قبل أسبوعين، والتي تشمل شرعنة 9 بؤر استيطانية عشوائية وبناء نحو 9 آلاف و500 وحدة استيطانية جديدة.
ويشير الهدمي إلى أن مخرجات هذه القمة تعبر عن الفجوة الشاسعة بين هؤلاء القيادات العربية “إن جاز تسميتهم بذلك”، وبين الشعوب التي تنادي بالحرية لفلسطين والمقدسات، والتي تخرج يومياً لرفض كل الإجرام والعار الذي يجري وينتهج بحق الشعب الفلسطيني، ولربما على رأسهم ملك الأردن الذي تم إهانته وإهانة سيادته في باحات الأقصى المبارك عندما طرد السفير الأردني ولم يحرك ساكناً، والآن نجده يزيد هذا الانبطاح مؤامرةً وانبطاح.
ويرى الهدمي أن هذه القمة لربما تكون عنصر مؤثر في الأحداث ولكنها ليست عنصر أساسي، فالشعب الفلسطيني تجاوز كل هذه المؤامرات وما يحاك اليوم في العلن والخفاء يزيد من قناعته وإصراره وإيمانه بأن الحل الوحيد هو الطريق التي سلكها، وأن كل ما يجري سياسياً هو مجرد محاولة لنجدة الاحتلال بشيء من الوقت ولكن الانفجار الكبير قادم لا محالة وهذا سيحدث عند انتقال الحالة الثورية من فلسطين إلى بقية الدول المجاورة.
ويؤكد خلال حديثه لـ “معراج”، بأنه لا شك أن ما جرى في العقبة اليوم سينعكس على أرض الواقع من محاولة لتقييد ولجم الحالة الثورية التي تشهدها القدس والضفة، ولا شك بأن السلطة ستعمل على أن تكون حارساً أميناً للاحتلال وعلى أن تنقل أخبار الفدائيين لأجهزته الأمنية، وهذا الأمر يؤكد على أن السلطة انسلخت تماماً من الشعب الفلسطيني وفصلت نفسها، ولذلك نجد أن الشعب تخطاها ولم يعد يأبه ولا يعترف بما تفعله، وسنجد أنه سيخرج قريباً من قوى الأمن من لديه شرف يرفض هذا النهج ويقلب الطاولة عليهم رأساً على عقب.
ويتابع: “نلاحظ اليوم أن الاحتلال استخدم كافة أساليبه في محاربة الفلسطينيين، فإجرامه قد وصل ذروته، هدم وتهجير وإبعاد ومشاريع استيطانية وتدنيس للمقدسات وهجمات شرسة على الأسرى والمحررين عبر مصادرة أموالهم وممتلكاتهم وغير ذلك الكثير، لافتاً إلى أن استنفاذه لكل وسائله الإجرامية وسط صمود المقدسيين المنقطع النظير يعني أنه قد أوشك على السقوط “بحسب قواعد السياسة”.