🖋️ بقلم: نڤين عبد الهادي
لم تغب مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى عن عين الاحتلال الإسرائيلي وخططه الرامية إلى تهويد، وطمس هويتها الفلسطينية والعربية والإسلامية والمسيحية، وعلى الرغم من الجهود التي تُبذل فلسطينيًا وأردنيًا لحماية المدينة المقدّسة، إلا أن مخططات الاحتلال مستمرة يوميًا بحق القدس والمقدسيين، لا تترك حدثًا أو مناسبة إلا وتمضي في خططها الاحتلالية.
الأيام الماضية، وفي الاحتفالات بعيد الميلاد، استغل الاحتلال هذه المناسبة التي تأخذ طابعًا دينيًا واجتماعيًا، ونفّذ عددًا كبيرًا من الخطط الاحتلالية، التي استهدفت المسجد الأقصى، باقتحامات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال، واستيلاء المستوطنين بمساندة قوات شرطة الاحتلال على أرض الحمرا بمنطقة العين التي تبلغ مساحتها خمسة دونمات، لتُرتكب هذه الجرائم في أيام يعيش المقدسيون كغيرهم من شعوب العالم الاحتفالات بعيد الميلاد.
وفي خطة خطيرة أخرى، وفق ما جاء في بيان الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، تحذيرها من تصاعد المحاولات الإسرائيلية لاستغلال أعياد الميلاد في مدينة القدس المحتلة، لتنفيذ مخططات تهويد المدينة المقدسة والسيطرة عليها، بسعي بلدية الاحتلال لإقحام نفسها في أعياد الميلاد، وتوظيفها من أجل خدمة أهدافها التهويدية، بتمويل فعاليات في عيد الميلاد تضفي عليها الطابع اليهودي واستقطاب إسرائيليين للمشاركة فيها، لتؤشر بذلك على خطوة خطيرة جدًا تعمل على تنفيذها (إسرائيل) باستغلالها الخطير للأعياد، بأن تستخدم أسلوبًا قد يرى فيه البعض حسن النية، ولكن في واقع الحال في كل خطوة مكيدة، وفي كل عمل سوء نية، ففي مثل هذه الظروف يجب أن يكون هناك بَصر وبصيرة، وعين ورؤية لما تقوم به (إسرائيل) وعدم الأخذ بظواهر الأمور.
في أثناء هذه الاحتفالات، عملت بلدية الاحتلال الإسرائيلي على تمويل افتتاح سوق للميلاد، وإضاءة شجرة العيد، في محاولة منها لتكريس الهيمنة اليهودية، وطمس الهوية العربية المسيحية، وبطبيعة الحال يبدو هذا الإجراء أنه سعي إيجابي للمشاركة بهذه الاحتفالات، في حين أنه واقع الحال يؤشّر بوضوح على أنه جديد في دائرة الاحتلال التي تبدأ من حيث تنتهي باستهداف الوجود المسيحي في مدينة القدس، وما سبقه من استيلاء على عقارات الكنيسة الأرثوذكسية في باب الخليل ودير مار يوحنا، فنقطة البداية في مخططاتها ذاتها نقطة النهاية، دائرة مليئة بأشواك الاحتلال وخططه الاستعمارية الاحتلالية التي دومًا تجد من يقف بوجهها عصيًّا على تصديق ما تقوم به.
إن إصرار مجلس الكنائس في القدس على إضاءة شجرة عيد الميلاد في فندق الامبيريال هي رسالة تأكيد رفض المخططات الإسرائيلية، وتأكيد الهوية الوطنية المسيحية، ورفض أي محاولة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المدينة المقدسة.
واقع يحتاج إلى صمود مختلف، وعيون ثاقبة، وعقول يقظة لكل ما تقوم به (إسرائيل) سواء كان بأفعال إيجابية أو سلبية، فكل النتائج يُراد بها باطل، واحتلال، واستعمار، فكل مواطن فلسطيني ومقدسي كان مسلمًا أو مسيحيًا، هو ركن من أركان هوية المدينة المقدسة، وأي مساس بالمواطنين أو الأرض الفلسطينية المقدسية، يعدّ جريمة احتلالية يجب منعها ومواجهتها بالتي هي أقوى، وبالتي هي أكثر وطنية وعروبة، فالقدس دوما تحت المجهر الإسرائيلي في السراء والضراء.