تعمل “جماعات المعبد” عامًا بعد عام على تعزيز مكتسباتها في الأقصى، على مستوى الاقتحامات وأعداد المشاركين، والطقوس التي باتت ترافق هذه الاقتحامات، وتسعى “جماعات المعبد” لتحظى الاقتحامات برعاية دينية وتشريعية وأمنية، علاوة على احتضانها شعبيًا على مستوى جمهور المستوطنين.
وتركّز “جماعات المعبد” على المناسبات الدينية والقومية كمحطة سنوية لرفع سقف مطالبها، وتحصين ما أنجزته في السنوات السابقة لضمان أكبر تغيير ممكن في الوضع القائم التاريخي وصولاً إلى تقويضه كليًا.
وفي عام 2019، حققت هذه الجماعات اختراقًا على مستوى اقتحام الأقصى بالتزامن مع الأعياد الإسلامية، إذ سمحت سلطات الاحتلال باقتحام المسجد في “ذكرى خراب المعبد” يوم 2019/8/11، بالتزامن مع عيد الأضحى، فيما كانت الاقتحامات تُمنع في الأعوام السابقة في المناسبات والأعياد الإسلامية.
وفي هذا العام، تحرّكت “جماعات المعبد” ضمن مسارات أربعة لتوفير مشاركة واسعة في اقتحامات الأقصى بذريعة إحياء “ذكرى خراب المعبد”، وهذه المستويات هي المستوى الديني، والمستوى التشريعي (“الكنيست”)، والمستوى الأمني، إضافة إلى المستوى الشعبي أو جمهور المستوطنين.
حاخامات يحثّون على اقتحام الأقصى في “خراب المعبد” ومحاولة لتحديد “معالم المعبد” في المسجد
تحاول “جماعات المعبد” الحشد للاقتحامات عبر تصدير مواقف دينية من حاخامات يفتون بجواز الاقتحامات في مقابل فتوى الحاخامية الرئيسة في دولة الاحتلال المستقرّة على رفض دخول اليهود إلى الأقصى لأسباب تتعلق بالطهارة ونزول “المخلص”.
وفي سياق التحضير لاقتحام الأقصى في “ذكرى خراب المعبد”، دعت منظمة “بيت الحاخام أبراهام كوك”، المعنية بإحياء إرث مؤسس الصهيونية الدينية الذي يعد أول حاخام معاصر عدّ الأقصى معبدًا يهوديًا ودعا إلى إزالته؛ ومنظمة “قلب المدينة” المعنية بتطوير المركز اليهودي غرب القدس، إلى مؤتمر يعقد في 2022/8/3، ويناقش إحياء المعبد الثالث وتحديد موقعه، على أن يتحدّث في المؤتمر الحاخام إسرائيل آريئيل مؤسس “معهد المعبد”، عن “المعبد في الإرث الديني لأبراهام كوك”، كما سيقدم الحاخام إليشا وولفسون، رئيس حلقة “جبل المعبد” الدينية عرضًا تعريفيًا للمسجد الأقصى محاولاً تحديد مواقع المعالم المندثرة المزعومة للمعبد.
ونقلت منصات “جماعات المعبد” على وسائل التواصل أخبارًا عن مشاركة حاخامات في اقتحام الأقصى ونقلت تصريحاتهم حول بناء المعبد، ومن بينهم الحاخام زيف فيتمان الذي اقتحم المسجد في 2022/8/2، وتحدّث عن أهمية اقتحامه، لا سيّما في “أيام الحداد التسعة”.
تحرّك على مستوى “الكنيست”
مع تزايد حجم “كتلة المعبد” في “الكنيست” في السنوات الأخيرة، تعمل “جماعات المعبد” على تحقيق مكاسب لها في الأقصى عبر قوانين يقترحها أعضاء “الكنيست” المؤيدون لفكرة المعبد، ومناقشات تجري في “الكنيست” بحضور أعضاء من “جماعات المعبد” التي تطرح مطالبها ورؤاها وتضغط لتنفيذها بموافقة رسمية واضحة.
وفي هذا السياق، طالب 16 عضوًا في “الكنيست” بعقد جلسة عاجلة لمناقشة تعزيز الإجراءات المتخذة لحماية المشاركين في اقتحامات الأحد، بما يسمح للآلاف بالمشاركة.
وقد وقّع الأعضاء الـ16 على الطلب بمبادرة من عضو “الكنيست” سمحا روتمان، وذلك لمناقشة المطالب التي قدّمتها منظمة “جبل المعبد في أيدينا” بخصوص اقتحام “ذكرى خراب المعبد”.
وجاء في مطالب المنظمة أن آلاف اليهود سيحضرون منذ الصباح عند مدخل باب المغاربة استعدادًا لاقتحام الأقصى، وينبغي تمكينهم جميعًا من الاقتحام بحيث لا يقل كلّ فوج مقتحم عن 200 مستوطن، وأن تدخل الأفواج المقتحمة بشكل متزامن وليس متتاليًا، إضافة إلى تخفيض مدة الانتظار أمام باب المغاربة.
وحذرت منظمة “جبل المعبد في أيدينا” الحكومة من إهمال مطالبها معتبرة أن ذلك سيكون فيه خطورة على المقتحمين؛ وقد أكدت المنظمة مطالبتها بإغلاق الأقصى أمام المسلمين يوم الأحد 7-8-2022 باعتبارها أفضل طريقة لضمان أمن المقتحمين، مجددة بذلك مطالبها بمحاولة التقسيم الزماني التام التي تفجرت على إثرها هبة القدس في 2015.
تفاهمات مع شرطة الاحتلال لتعزيز الاقتحام
أعلن “اتحاد منظمات المعبد” عن تفاهمات مع شرطة الاحتلال لتغيير إجراءات دخول المقتحمين في “ذكرى خراب المعبد” للسماح باقتحام الآلاف بحماية شرطة الاحتلال.
ونصّت التفاهمات على البنود الآتية:
- السماح بدخول مجموعات كبيرة من المقتحمين بفوارق زمنية متقاربة، خصوصًا في الفترة الصباحية.
- فتح باب المغاربة للمقتحمين في تمام السابعة صباحًا.
- في ساعات الذروة، سيسمح بإدخال فوج جديد كل 5 دقائق.
- السماح لكل فوج بالبقاء في الأقصى نصف ساعة لتمكين جميع المنتظرين من الاقتحام.
- السماح للأفواج بتوقف واحد لمدة 5 دقائق في مكان واحد: إما الساحة الشرقية للأقصى، أو على درج البائكة الغربية، أو إلى الجنوب من باب الرحمة.
- سيجري تقييم للوضع عند 7:30 صباحًا؛ فإذا كان العبء على شرطة الاحتلال كبيرًا سيتم تحويل الاقتحامات إلى المسار القصير فورًا؛ ما يعني أنّ الرباط في الأقصى يمكن أن يكون عاملًا مؤثرًا في تحديد ما ستكون عليه الاقتحامات.
- نشر المظلات في وقت مبكر لحماية المقتحمين المنتظرين عند باب المغاربة.
- إدخال كبار السن والرضّع والحوامل في البداية بعربات خاصة.
والهدف من هذه الإجراءات السماح باقتحامات حاشدة، ورفع عدد المقتحمين الموجودين في الأقصى في الوقت ذاته، وتمكينهم من فرض الطقوس التوراتية بشكل متزامن في نقاط مختلفة من المسجد.
حثّ جمهور المستوطنين على المشاركة الفاعلة في الاقتحامات والتبرع لتعزيزها
بدأ “اتحاد منظمات المعبد” حملة كبيرة تحت عنوان “توقف عن ابكاء وابدأ بالبناء” لتغيير الوضع الراهن في الأقصى في ما يسمى “أيام الحداد التسعة” المتزامنة مع “ذكرى خراب المعبد.”، ويهدف الاتحاد إلى جمع أكبر عدد ممكن من المتطرفين لاقتحام المسجد يوم الأحد القادم.
ويحثّ عنوان الحملة المستوطنين على ضرورة العمل فعلاً على بناء المعبد بدلاً من البكاء على هدمه وفق المزاعم التلموديّة.
وقد أطلقت منظمة “جبل المعبد في أيدينا” حملة لجمع تواقيع المستوطنين لمطالبة حكومة الاحتلال بتوفير اقتحام “آمن”، مشيرة إلى أنّ “المشاهد التي حصلت في يوم توحيد القدس في 2022/5/29 ينبغي أن لا تتكرر”.
وكانت شرطة الاحتلال اقتحمت الأقصى بالآلاف من عناصرها صباح 5/29 وأطلقت القنابل الغازية والصوتية والرصاص المعدني المغلف بالمطاط على المصلين وأفرغت ساحت الأقصى من المعتكفين، وحاصرت المرابطين في الجامع القبلي واعتقلت وأصابت العشرات، وهو ما مكّن المقتحمين من أداء أول “سجود ملحمي” جماعي في ساحات الأقصى منذ احتلاله، شارك فيه عشرات المتطرفين.
ويأتي هذا المطلب لحمل سلطات الاحتلال على منع المسلمين من الدخول إلى الأقصى يوم الأحد، ليتمّ المستوطنون اقتحاماتهم في عيدهم من دون دخول المسلمين إلى المسجد، وهذا السيناريو من ضمن مخطط التقسيم الزماني للأقصى الذي يقضي بأن يكون لليهود أوقات خاصة وحصرية في أعيادهم لا يسمح فيها للمسلمين بدخول الأقصى.
كذلك، أطلقت المنظمة ذاتها دعوات لجمهور المستوطنين للتبرّع، لدعم ما تقوم به في سياق تعزيز الاقتحامات، وتوفير الأدلاء ليقدموا للمقتحمين شروحات تلمودية حول المعبد، والعمل في الإعلام و”الكنيست” لنشر مطالبهم والضغط من أجل تنفيذها.