مع مرور عامهم الثامن داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومع كافة الجهود القانونية والشعبية التي يقودها أهالي محرري صفقة “وفاء الأحرار” المعاد اعتقالهم تعسفيا، للمطالبة بإنهاء معاناتهم وتحريرهم من القيد مجددًا، ورغم عدم مشروعية إعادة اعتقالهم قانونياً أيضاً، يبقى مصيرهم مجهولاً حتى اليوم.
فسلطات الاحتلال في 18 يونيو/حزيران 2014، أعادت اعتقال العشرات من الأسرى المحررين في صفقة “وفاء الأحرار”، وأعادت لهم أحكامهم السابقة ومعظمها أحكام بالسجن مدى الحياة، وذلك عبر قانون تعسفي أقرته ونفذته ما تُعرف بـ “لجنة الاعتراضات العسكرية” التي أُنشئت من أجل النظر في قضاياهم.
في هذا التقرير نسلط الضوء على واحدٍ من هؤلاء الأسرى الـ “49” وهو الأسير رجب الطحان، عبر حديث خاص لـ “معراج” مع شقيقه باسل، الذي أكد بدوره على أن ملف أسرى صفقة وفاء الاحرار ذا أهمية كبيرة جداً؛ لأنه يعتبر خرق لاتفاقية دولية وقعت عليه دولتان من أعضاء مجلس الامن في الامم المتحدة، وهما “مصر وألمانيا”، كما شاركت في تنفيذها مؤسسة الصليب الأحمر التابعة أيضاً للأمم المتحدة، والتي لفت باسل إلى أنه تمت مناشدتها وتوجيه خطابات رسمية لها عدة مرات، دون أن تتعامل مع الأمر بشكل جدي.
وأشار إلى أن عملية نقض العهود التي ينتهجها الاحتلال، تنذر بمستقبل غامض ومظلم لأي صفقة قادمة لتحرير الأسرى، وهناك تخوفات من الأسرى داخل السجون من تكرار ما حصل مع أسرى وفاء الأحرار الـ 49، معهم مجددا في أي صفقة قادمة في ظل الحديث عن تحركات جديدة في هذا الملف.
وشدد على ضرورة الافراج الأولي الغير مشروط عن أسرى صفقة وفاء الأحرار في أي صفقة قادمة، دعياً إلى ضرورة تدويل قضيتهم وإعطاء ملفهم أهمية قصوى، فهم مفتاح أي صفقة قادمة حسب تعبيره.
ويرى باسل شقيق الأسير رجب الطحان، أن حيثيات عملية إعادة اعتقال أسرى صفقة وفاء الاحرار كانت مهيئ لها سلفاً بعد عملية اختطاف مستوطنين عام 2014، وبتحريض من رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت ووزيرة الداخلية الإسرائيلية إييليت شاكيد”، لافتاً إلى أن عملية الاعتقال جاءت في سياق العقوبات الجماعية وانتقاماً لما جرى في عملية الاختطاف.
وأشار الطحان إلى أنه ورغم الكشف عن منفذي عملية الاختطاف، لم تفرج سلطات الاحتلال عن أسرى الصفقة، وأبقت عليهم للمساومة عليهم مقابل الجنود الإسرائيليين الذين أسرتهم المقاومة الفلسطينية خلال عدوان عام 2014.
وأضاف: “قانونيا لا يوجد بيد إسرائيل أية مسوغ قانوني لإعادة اعتقالهم، وبل وأجبرتنا على التوجه لمحاكمها التي لا تمثل إلا الهيئة السياسية الحاكمة في دولة الاحتلال، والتي أكملت بدورها عملية شرعنة إعادة اعتقالهم التي بدأت مسبقا بقرار سياسي دون الاستناد لأي تهمة”.
وأوضح باسل أن سلطات الاحتلال اعترفت آنذاك بأن “أسرى الصفقة” لم يثبت عليهم القيام بأية خروقات أمنية، ولا ينصح بإعادة محاكمتهم، لافتاً إلى أن هذا الاعتراف إن دلَّ فإنما يدل على أن الاعتقال كان سياسياً ولا يستند لأي مسوغ قانوني.
وتابع: “رغم هذا الإقرار إلا أن محكمة الاحتلال قامت بتحويل قضيتهم إلى ما تسمى بـ “لجنة الاعتراضات العسكرية” التي حاولت بدورها شرعنة عملية اعتقالهم رغم عدم امتلاكها صلاحيات بالتعامل مع هذا الملف، إلى أن تم اللجوء بعد ذلك إلى محاكم أخرى كمحكمة “الناصرة” و “حيفا”، ورغم متابعتنا للقضية قانونيا وقضائية لكن لم نجد جدوى، فكل هذه المحاكم شرعنت إعادة اعتقالهم وأعادت لهم من جديد أحكامهم السابقة”.
وشدد الطحان على أن اعتقال أسرى الصفقة للمرة الثانية ليس كما قبلها، فالإفراج عنهم كان بمثابة إعادة الحياة لهم ولذويهم ولعائلاتهم وضخ دماء جديدة في حياتهم الاجتماعية، وما لبث إلا أن اختفى هذا الأمل من حياتهم جميعاً.
ونوه أن كل ما يتم تداوله من أخبار حول توقيع “أسرى وفاء الأحرار” على شروط مكتوبة، يقال أن أحد بنودها يعطي سلطات الاحتلال الحق في إعادة اعتقال أي أسير إن ما سجلت بحقه أيه خروقات أمنية، هو ادعاء من الاحتلال ولا صحة له، بدليل أن شروط الصفقة لم يطلع عليها أحد سوى الموقعين عليها ولم تنشر في أي وسيلة إعلام”.
ويذكر أن صفقة “وفاء الأحرار”، تمت بين حركة “حماس” والاحتلال في أكتوبر/ تشرين أول عام 2011، وتم بموجبها الإفراج عن 1027 أسيرا، مقابل إطلاق الحركة سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي كان أسيرًا لديها منذ صيف 2006.
ويُطلق أهالي الأسرى المحررين المعاد اعتقالهم حملة يُشارك فيها مؤسسات حقوقية وإعلامية، لدعم وإسناد محرري صفقة “وفاء الأحرار”، كما يسعون لتحويلها إلى قضية رأي عام دولي ومعركة سياسية.