قال الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي محمد مصالحة، إن حجم النضال الشعبي الفلسطيني المفاجئ في زخمه بمدينة القدس المحتلة، رغم كل سياسات التهويد والتشويه الفكري والديموغرافي، هو ما أقلق “إسرائيل” أمس وأرقها، فهي باتت تعي تماماً أن هناك دم جديد دخل إلى الأكسجين الفلسطيني، فأفرز هبةً شعبية غير مرتبطة بألوان السياسة، أدت ليقظة تامة ونموذج متجدد من النضال.
وأشار مصالحة في حديثٍ خاص لـ “معراج” اليوم الإثنين 30 مايو، إلى أن هذا الأكسجين الجديد هو بالتحديد الذي نريده، فقد وصلنا إلى آخر مراحل ما قبل التحرير التي وصلت إليها الشعوب التي استقلت، ألا وهي مرحلة اليأس من السياسة ومن التجارة السياسية الدولية، لافتاً إلى أن إسرائيل لم تحسب يوماً حساباً للمجتمع الدولي ولا حتى الموقف الرسمي الفلسطيني في أيّ انتهاكٍ كانت تقدم عليه.
وشدد مصالحة على أن الرأي العام الإسرائيلي خلُص أمس إلى حتمية أن القدس “مقسمة وليست موحدة”، وبات يعي ذلك العنصري والكهاني قبل الوسطي واليساري الذي اختبئ واختبأت معه مجموعة العرب الذين سيعون متأخراً أنهم كانوا أعقاب السجائر التي ستدوس عليها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حسب تعبيره.
وحول دور الوسطاء السياسيين الذي تلعبه بعض الدول العربية والأوروبية في التدخل للجم أي تصعيد خطير قد يتطور إلى المساس بأمن دولة الاحتلال، أوضح مصالحة، أن إسرائيل تدرك أن الوسيط منحاز لطرف دون آخر، فهو يحمل الرسائل الإسرائيلية ويرسلها بحذافيرها، ويحمل رسائل التهديد إلى الطرف الفلسطيني وهو يبدو أكثر شفافية بالرد على إسرائيل عندما يقول “دون إحراج لنا ولدول التطبيع” وهذا ما استطعنا إدراكه من بعض الأخبار الضئيلة الواردة عن الإعلام الإسرائيلي في قضية الردود.
وأضاف: “في الحكومة السابقة لم يكن نتنياهو يطلب التدخل من كل الأطراف سواء كانت عربية أو أجنبية، وعندما كانت تصل الأموار إلى حالة توتر شديد خصوصاً وأن العلاقة ليست مستقرة بين الأردن وحكومة الاحتلال، كان يجد نتنياهو بذكاء تام مخرجاً عبر تواصله مع الإدارة الأمريكية التي تملك علاقات خاصة جداً مع الأردن، فيزال الضغط بين إسرائيل والأردن ويعود نتنياهو ليؤكد مرة أخرى بأنه لا تغيير في الثوابت فيما يخص الحكومة الأردنية ووصايتها على المسجد الأقصى.
ولفت إلى أن ما حدث هذه المرة هو محاولة أوساط اليمين داخل هذه الحكومة في البداية الضغط داخل أروقة الحكومة بتحقيق المبدأ الأهم ألا وهو “النجاة”، والأطراف الذي يجب أن تستعد هذه المرة هي الأطراف التي تتعاون معنا لمصلحة مشتركة كالأردن التي تساعده إسرائيل وتحميه في ملفات خاصة والقائمة العربية المشتركة التي تريد المال، والسلطة الفلسطينية التي تسعى لشراكة أمنية تحقق لها بعض المصالح. ويؤسفنا القول بأن هذا هو الأمر المهين التي تعكسه المجموعة العربية برمتها.
وتابع مصالحة: “حتى الموقف المصري بات ضعيفاً لدخول الموقف التركي على ذات الخط، ولو أن الموقف التركي بدا واضحاً هذه المرة كما المرات السابقة، لكان أمر حرف مسيرة الأعلام عن مسارها هو أمرٌ حتمي، ولكن للأسف الشديد انضم الموقف التركي للانبطاح السائد في المجتمع العربي والصمت الرهيب الذي يصيب المجتمع الأوروبي، في ظل ضعف التحرك الدبلوماسي الفلسطيني، إلى أن أضحى الشارع الفلسطيني وحيداً.