بقلم: د. فايز أبو شمالة
اهتمت الحكومة الإسرائيلية بالبيان الصادر عن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، الذي أدان قرار محكمة إسرائيلية بالسماح للمتطرفين بأداء طقوسٍ في باحات المسجد الأقصى المُبارك.
واهتمت الحكومة الإسرائيلية بالبيان الصادر عن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الفلسطينية، الذي أدان قرار محكمة إسرائيلية بالسماح للمتطرفين بأداء طقوسٍ في باحات المسجد الأقصى المُبارك.
ولأجل خاطر الأردن، وإكراماً للسلطة الفلسطينية، قررت الحكومة الإسرائيلية الاستئناف لدى المحاكم الإسرائيلية ضد قرار المحكمة، الذي سمح للمتطرفين اليهود بأداء طقوس توراتية في باحات المسجد الأقصى.
فهل خفف قرار الحكومة الإسرائيلية من غضب الأردن، وطمأن قلق السلطة الفلسطينية؟ وهل القدس والمسجد الأقصى شأن داخلي إسرائيلي، يعرض أمام المحاكم الإسرائيلية، وهي المخولة بالنظر في قضايا الخلاف؟
إن مناقشة موضوع القدس خلف أروقة المحاكم الإسرائيلية ليؤكد الاعتراف الرسمي الإسرائيلي بأن كل ما يتعلق بالقدس، هو شأن داخلي إسرائيلي، ولا يحق لا للأردن، ولا للسلطة الفلسطينية التدخل فيه، ومع ذلك، فقد تراعي الحكومة الإسرائيلية الاتفاقيات الموقعة مع الطرفين، وتحترم حالة الهدوء المتفق عليها، لذلك ستقوم الحكومة الإسرائيلية نفسها بالطعن في قرار المحكمة، والعمل على إصدار قرار قضائي لا يسمح للمتطرفين اليهود بالصلاة في المسجد الأقصى.
فهل انتهى الأمر؟ وهل صدور قرار من القضاء الإسرائيلي يمنع صلاة اليهود في المسجد الأقصى يريح القيادات العربية؟
بكل تأكيد لا، لأن القدس والمسجد الأقصى شأن فلسطيني عربي إسلامي، وهما قضية سياسية ووطنية، لا شأن للقضاء الإسرائيلي بها، وكان من الواجب على الأردن من جهة، بصفتها الوصي على الأماكن المقدسة، وعلى السلطة الفلسطينية من جهة أخرى، بصفتها المسؤولة عن قضية القدس المؤجلة حتى المرحلة النهائية من اتفاقيات أوسلو، والتي انتهت سنة 1999، كان يجب على الأردن والسلطة أن يرفضا تحول قضية القدس إلى شأن داخلي إسرائيلي، وذلك من خلال المطالبة بجلسة رسمية لمجلس الأمن الدولي، وأن يرفضا بكل الوسائل تدخل القضاء الإسرائيلي في شؤون القدس، وأن يصير تحريك الجماهير العربية، وذلك من خلال الدعوة لعقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية، بما في ذلك عقد جلسة مشتركة للبرلمان الأردني، وللمجلس الوطني الفلسطيني، لاتخاذ القرارات المناسبة، والتي تضمن إسلامية القدس، وفلسطينية الأرض، وما دون ذلك، فمن الخطيئة السياسية أن تكون ردة فعل الأردن وفلسطين على مثل هكذا قرار تهويدي بالشجب والإدانة.
وحتى هذه اللحظة، فالأمة كلها تنتظر موقفاً صارماً من الأردن والسلطة الفلسطينية، موقفاً يرتقي إلى قداسة المسجد الأقصى، ويصل إلى حد قطع العلاقات، وسحب السفراء، ووقف التنسيق والتعاون الأمني، ليتعزز بذلك موقف المقاومة الفلسطينية، التي أعلنت بوضوح وجلاء، أنها ستقاتل، وتخوض معركة الدفاع عن المقدسات بكل ما تمتلك من قوة، حتى ولو دفعت في سبيل ذلك الأثمان الغالية.