تسعى سلطات الاحتلال يوماً بعد يوم لتهويد مدينة القدس المحتلة بكافة السبل، بهدف خدمة المشروع الاستيطاني، غيرُ آبهة بكافة القوانين والمعاهدات الدولية التي تكفل لهذه المدينة قدسيتها وإسلاميتها.
يتصدر المشهد التهويدي هذا اليوم، مصادقة محكمة الاحتلال العليا على إقامة مشروع “قطارٍ جوي” فوق البلدة القديمة بالقدس المحتلة، وذلك بعد ردها لكافة الالتماسات التي قُدمت ضد هذا المشروع.
مشروعٌ يقضي بإقامة قطارٍ جوي يمتد حتى عمق البلدة القديمة في القدس المحتلة، بطول 1.4 كم، امتداداً من محطة القطارات القديمة في طريق الخليل إلى “جبل صهيون”، وبعدها سيصل إلى باب المغاربة، حيث سيتم إقامة محطة ليستخدمها المستوطنون في الوصول إلى حائط البراق والبلدة القديمة، ومن هناك سيواصل القطار مسيره باتجاه “ناحال كدرون” وجبل الزيتون وفندق الأقواس، ليشمل أربع محطات بحمولة 3 آلاف شخص في الساعة في ذروة عمله.
مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية عماد أبو عواد تحدث إلى “معراج” حول هذا المشروع قائلا: “مصادقة محكمة الاحتلال اليوم على هذا المشروع، إنما يؤكد ويدلل على أمر واحد، ألا وهو التوجه الإحلالي الذي تنتهجه سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس، بالنظر إلى مشروع “القدس الكبرى” كأهم مشروع في هذه المرحلة”.
وشدد أبو عواد على أن خطورة هذا المشروع تكمن في تسهيل وصول المستوطنين اليهود إلى المسجد الأقصى وحائط البراق، وبالتالي تشجيع المستوطنين على اقتحام المسجد الأقصى المبارك بكشل مستمر ومكثف.
وأضاف : “نحن أمام مرحلة شديدة الخطورة، تسعى من خلالها الجماعات الاستيطانية وعلى رأسها جماعات “الهيكل المزعوم”، إلى تثبيت المعالم اليهودية في المدينة المقدسة، باعتبارها عاصمة موحدة لما تسمى (إسرائيل)”.
ولفت أبو عواد خلال حديثه إلى “معراج”، إلى أن تبني محكمة الاحتلال لهذا القرار ومروره عبرها رغم معارضة اليسار الإسرائيلي له، يشير بشكلٍ أو بآخر إلى أن “إسرائيل” تتبنى الآن الرؤية اليمينية بشكل واضح.
وحول معارضة هذا المشروع لكافة القرارات والمواثيق الدولية المتعلقة بالسيادة الفلسطينية على مدينة القدس المحتلة، أشار أبو عواد إلى أن إسرائيل بطبيعة الحال تخالف قرارات المجتمع الدولي ولا تلقي لها بالاً، وكذلك الفلسطينييون لم يعودوا يُعولوا كثيراً على هذا المجتمع وقرارته واصفاً إياه بـ “المنافق” الذي يسعى لدعم دولة الاحتلال بشكل أو بآخر.
وفي السياق ذاته، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية هذه القرار، معتبرةً إياه جزءا لا يتجزأ من حملات تهويد القدس وبلدتها القديمة وتشويه هويتها الحضارية الفلسطينية الإسلامية، وجزءا من حملات تغيير واقعها التاريخي والقانوني والديمغرافي القائم، ودليلًا قاطعًا على كذب ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين بشأن حرصهم على عدم تغيير الوضع القائم في القدس وبلدتها القديمة ومقدساتها.
وطالبت الخارجية المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية بسرعة التحرك والضغط على دولة الاحتلال لوقف تنفيذ هذا المشروع فورا، والمنظمات الدولية المختصة وفي مقدمتها اليونسكو بتحمل مسؤولياتها في توفير الحماية للقدس ومقدساتها.