بقلم الكاتب: ماهر سامي الحلبي
تُعد جريمة اغتيال الإعلامية المثابرة شيرين أبو عاقلة مراسلة الجزيرة كاملة الأركان، استخدم فيها العدو الصهيوني رصاصاته الحاقدة وقوته المفرطة عن قصد إزهاق روحها عمداً في محاولةٍ منه لطمس وإخفاء الحقائق التي كانت تجمعها لإيصالها للعالم توضح من خلالها حجم الجرائم التي يقترفها هذا الاحـتلال ضد الشعب الفلسطيني. وكانت شيرين قد استشهدت بعد إصابتها في الرأس خلال تغطيتها اقتحام قوات صهيونية لمخيم جنين، وما يُدلل على إقدام العدو الصهيوني على ارتكاب جريمته البشعة بحق أبو عاقلة هي قوة وغزارة رصاصاته واجهازه عليها وعلى من كان يحاول إنقاذها ومساعدتها؛ وهذا يؤكد النية المبيتة لدى الاحتلال التي يهدف منها القضاء على كل من يعمل على كشفه وفضح جرائمه في دلالة واضحة على همجية وعنصرية هذا العدو الحاقد.
اغتيلت أبو عاقلة مرتين: الأولى تتمثل في جريمة اطلاق النار عليها بشكل مباشر وقتلها مع سبق الإصرار والترصد ومنع كل من يقترب منها في محاولةٍ لإنقاذها، وهنا تتضح نية الاحتلال وإصراره على القتل المتعمد، ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية المؤكدة على حماية الصحفيين وضمان حرية العمل الصحفي. والاغتيال الثاني تم على الهواء مباشرة على مرأى ومسمع العالم، من خلال تعرض الاحتلال لسير جنازتها وتعطيلها والاعتداء على المشاركين فيها، حيث اسقطوا نعشها من على أكتاف مشيعيها، إذن نحن أمام جريمة اغتيال متعمدة ومفجعة وبشعة.
أدى حادث اغتيال الصحفية أبو عاقلة إلى الالتفاف الشعبي والإعلامي، وترك أثراً في توحيد الشعب الفلسطيني الذي طالب بمحاكمة العدو الصهيوني على جريمته البشعة، كما نعت المؤسسات الحقوقية الدولية والإعلامية ومعظم دول العالم الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وعبرت عن إدانتها لمقتلها وطالبت بإجراء تحقيق شفاف ومستقل لتقديم المجرمين وقادتهم للعدالة.
ومن الواضح أن حكومة الاحتلال فشلت فشلاً ذريعاً في ترويج روايتها المزورة، وبدأت تشعر بضغوطات كبيرة نتيجة عدم تبني أي من الدول الداعمة للكيان لروايته، مما نتج عنه دخول حكومة الاحتلال الضعيفة أصلاً بكافة مؤسساتها السياسية والدبلوماسية والأمنية في مأزق كبير، تبحث لها عن مخرج بأي طريقه، ولذلك فإنه من غير المستبعد قيام الاحتلال بارتكاب حماقة أخرى يستطيع من خلالها لفت الأنظار عن جريمة أبو عاقلة، كأن يرتكب جريمة جديدة في جنين أو أن يباغت غزة لا سيما وأن مناورته ما زالت مستمرة، ومن خلال ذلك يستطيع بينيت إنعاش الائتلاف الذي يرأسه ولو قليلاً بعد أن اهتزت صورته داخلياً وخارجياً.
لذا، فإن المطلوب اليوم لجم هذا الاحـتلال الغاشم وتقديم مجرميه إلى محكمة الجنايات الدولية على جرائمه التي يرتكبها بحق المواطنين العُزل.