يسعى الاحتلال ومستوطنوه في كل مرةٍ يحاولون فيها اقتحام المسجد الأقصى المبارك، إلى فرض السيادة الإسرائيلية على المدينة المقدسة، عبر تغيير الوضع التاريخي القائم بالمسجد الأقصى، وتعميق محاولات التهويد، وفرض التقسيم الزماني والمكاني عليه.
وكل محاولات العبث بالمقدسات، وفرض نظام الأبارتايد والفصل العنصري على الشعب الفلسطيني، وخصوصاً في مدينة القدس المحتلة، لم تفلح في كسر صمود الفلسطينيين، ولا في ثنيهم عن الدفاع عن مقادساتهم وثوابتهم، فترى المرابطين والمرابطات يدافعون عنه بأجسادهم العارية وإن كلفهم ذلك أرواحهم.
جماعات “الهيكل” المزعوم لا زالت تدعو مناصريها إلى “اقتحام مركزي” للمسجد الأقصى المبارك، يوم الأحد القادم الموافق الخامس عشر من مايو، تزامناً مع ذكرى النكبة، بحجة إحياء ما يسمى بـ”الفصح الثاني”.
وفي الوقت ذاته انطلقت دعواتٌ مقدسية للتصدي لهذا الاقتحام من خلال التواجد في المسجد الأقصى والرباط فيه على مدار اليوم، كي لا يتسنّى للاحتلال تفريغ المسجد خلال ساعات الاقتحام، يأتي ذلك في ظل تشديد الإجراءات الأمنية وفرض الحواجز العسكرية على الطرق المؤدية للمسجد الأقصى.
اقتحاماتٌ متتالية وبشكلٍ شبه يومي بأعدادٍ متفاوتة، وجولاتٌ استفزازية، لم تكل الجماعات الاستيطانية من تنفيذيها ما بين الحين والآخر وبحماية شرطة الاحتلال، تسفر وفي كل مرة عن مواجهات مباشرة بين قوات الاحتلال والمرابطين في المسجد الأقصى.
وليس ببعيد عن ذلك ما جرى في الخامس عشر من إبريل الماضي، حين حشدت جماعات “الهيكل” المزعوم مناصريها ونفذت اقتحاماتٍ مكثفةٍ للمسجد الأقصى، فيما يسمى عيد “الفصح” العبري الذي وافق 15-20 من رمضان، وقامت بتدنيسه وانتهاك حرمته بأداء طقوس تلمودية، بل وأعلنت حينها عن مكافآت مالية لمن يستطيع ذبح “القربان” داخله.
لم يكتفِ الاحتلال بذلك بل اعتدى على المعتكفين وأمطرهم بالقنابل المسيلة للدموع وبالضرب، واعتقل المئات منهم وأفرغ المسجد من المصلين وأغلق جميع أبوابه.
ونذكر أيضاً ما فعله مئات المستوطنين قبل أيام في الخامس من مايو الجاري، إحياءً لذكرى احتلال فلسطين وما تبعه من اقتحامٍ للمسجد الأقصى ومحاصرة المرابطين والاعتداءٍ عليهم بقنابل الصوت والغاز والرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والاعتداء على المرابطات في صحن مسجد قبة الصخرة.
إداناتٌ رسمية عربية ودولية واسعة، جاءت ردًا على مشاهد الاقتحامات والمواجهات المتكررة في باحات المسجد الأقصى المبارك، حمّلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحدها مسؤولية دائرة العنف التي تنتج عن الاقتحام المتكرر والاستخفاف بمشاعر ملايين المسلمين حول العالم.
وحذرت من أن ما يحدث ما هو إلى تحدياً صارخاً لمشاعر المسلمين في فلسطين والعالمين العربي والإسلامي، وانتهاكا لأكثر المقدسات الإسلامية حساسية في فلسطين، ألا وهو المسجد الأقصى، الذي يعتبر مسجدا إسلاميا خالصا بكافة مكوناته داخل أسواره، في خطوة لا يمكن تفسيرها إلا برغبة حكومة الاحتلال ذات الصبغة الاستيطانية في إشعال حرب دينية يمكنهم البدء بها إلاَّ أنهم لن يكونوا قادرين على إيقافها.
وأرجأ كثير من المحللين السياسيين سبب تصاعد وتيرة العمليات الفردية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، إلى تغول الاحتلال على مقدسات الشعب الفلسطيني ورغبته في فرض سيادته السياسية والعسكرية على مدينة القدس المحتلة دون أي اعتبارٍ للفلسطينيين.