معراج – القدس
يقع رباط علاء الدين البصير بالقرب من باب الناظر (المجلس)، في منطقة تعرف بـ”الحبس”، غرب المدرسة الحسنية وشمال رباط الكرد، تم تأسيسه من قبل الأمير علاء الدين أيدغدي، الذي اشتهر بلقب “البصير” لكونه أعمى، في عهد السلطان الظاهر بيبرس عام 666 هـ / 1268م خلال العصر المملوكي.
ووفقًا لما ذكره مجير الدين في كتابه “الأنس الجليل”، لم يتم العثور على وثيقة رسمية للوقف، لذا تم كتابة محضر بالوقف بناءً على الشهادات الشفهية المتداولة، وتم تثبيته من قبل حاكم الشرع الشريف في 18 ربيع الآخر سنة 742هـ / 1343م.
وقد وقف الأمير البصير جميع المساحات داخل الباب، بما في ذلك الأقبية والساحة، لصالح الفقراء والزوار القادمين إلى القدس.
يتميز رباط البصير بمدخل رائع يؤدي إلى “دركاه” (التي تعني الضريح بالفارسية)، والذي يفتح بدوره على ساحة مكشوفة واسعة. تحيط بهذه الساحة عدد من الخلاوي التي تُستخدم كمدارس للتعبد وتعليم القرآن.
في الجهة الجنوبية الغربية من الساحة، يوجد مسجد مغطى بأقبية متقاطعة. وفي منتصف واجهة المسجد الجنوبية، يقع محراب مميز على شكل حنية مجوفة.
لتلبية احتياجات عدد أكبر من الزوار والمقيمين، تم إضافة المزيد من الغرف في الساحة المكشوفة لتوسيع الرباط.
كان رباط البصير في البداية مخصصًا لإقامة المتصوفين والفقراء والمجاورين في القدس، لكنه تحول لاحقًا إلى سجن في العهد العثماني، حيث كان يُحتجز فيه المتهمون لحين محاكمتهم، لذا اشتهر باسم “الحبس”.
وفي أواخر الفترة العثمانية، تم استخدامه كمسكن للأفارقة، خاصة من نيجيريا والسودان، مثل عائلة “التكارنة” السودانية وغيرها.
وكان هناك مسجد في الرباط تقام فيه الصلاة لفترة من الزمن، لكنه فقد وظيفته تدريجيًا بسبب قربه من المسجد الأقصى، حيث يبعد فقط 20 مترًا إلى الغرب من باب الناظر.
تتوزع الأملاك الموقوفة لرباط البصير على عدة أماكن، منها:
- الدار المجاورة لدار الرباط.
- الفناء أو الحديقة الملاصقة لها.
- الدار المجاورة لتربة الواقف من جهة السوق.
- طاحونة وفرن في القدس.
- قبو بخط وادي الطواحين.
- الداران الملاصقتان والمجاورتان للقبو.
- الحمام المعروف بالواقف.
تم ترميم وتأهيل هذا المبنى خلال الفترة بين عامي 1975 و1986م. وتُظهر الحجج الشرعية المسجلة بتاريخ 18 ربيع الآخر 742هـ (7 أكتوبر/تشرين الأول 1341م) تأكيد وقف المبنى وإدارته.
كما تم توثيق المخصصات المالية والعينية لنزلائه، بالإضافة إلى الوظائف المختلفة المرتبطة بالرباط وأصحابها، وتفاصيل شؤونهم اليومية.
كانت الربُط، وهي أماكن مخصصة للمرابطين دينياً، توفر للوافدين إليها التعليم الديني، وفي العصر العثماني تحولت العديد منها إلى ملاجئ للفقراء من نساء ورجال، حيث كانت تقدم لهم الطعام والمساعدات المتنوعة.
بالإضافة إلى دورها الاجتماعي والسياسي، كانت الربط مراكز حيوية للتعليم الصوفي، وكان بعضها يحتوي على مكتبات. لذلك، كان للربُط في فلسطين بشكل عام، وفي القدس بشكل خاص، تأثير علمي وأكاديمي كبير.
وكانت ربُط القدس تحظى باهتمام كبير من الزوار والمحبين لخدمة المسجد الأقصى، ويعتبر رباط ومسجد علاء الدين البصير من أقدم الربُط في المدينة، حيث يعود تاريخه إلى العصر المملوكي.