يصادف اليوم 28 سبتمبر، الذكرى الـ 23 لانتفاضة الأقصى المباركة، التي اندلعت بعد اقتحام رئيس الوزراء الصهويني آرائيل شارون للمسجد الأقصى المبارك، وتجوله في باحاته بشكل استفزازي.
المقدسيون لم يتحملوا هذا المشهد المستفز، فخاضوا مواجهات عنيفة مع جنود الاحتلال ورشقوهم بالحجارة، ما أدى لإصابة 25 جنديًا فيما أصيب 20 فلسطينيا بجراح، لتتفجر بعد ذلك الانتفاضة وتمتد إلى كل شبر من فلسطين.
في اليوم الثالث للانتفاضة تعمد جنود الاحتلال قتل طفل فلسطيني رغم اختبائه خلف والده، في مشهد التقطته عدسات الكاميرا، ليتبين بعد ذلك أنه الطفل محمد الدرة الذي أصبح أيقونة للانتفاضة.
بعد جريمة إعدام الطفل الدرة ازدادت الأوضاع توترًا وتحولت المواجهات إلى اشتباكات مسلحة، واستخدم الاحتلال القوة المفرطة تجاه الفلسطينيين باستخدامه الطائرات الحربية في قصف واستهداف المواطنين، ما أسفر عن ارتقاء مئات الشهداء.
عمليات المقاومة
مع تمادي الاحتلال في إجرامه بحق الفلسطينيين، تطورت المقاومة وشكلت نقلة نوعية في أسلوب المواجهة، فنفذت العديد من العمليات الفدائية والاستشهادية، كان أبرزها عملية اغتيال وزير السياحة الصهيوني رحبعام زئيفي على أيدي خلية مقاومة من الجبهة الشعبية.
فيما طورت كتائب القسام سلاحًا استراتيجيًا نوعيًا وهو سلاح الصواريخ، فأطلق مجاهدوها أول صاروخ من نوع قسام 1 تجاه مغتصبات الاحتلال، ثم أخذ هذا السلاح بالتطور شيئًا فشيئًا حتى وصل إلى مرحلة من التطور شكلت ضغطًا كبيرًا على الاحتلال وتخوفًا مستمرًا منه، إضافة لإدخال سلاحا استراتيجيًا وهو سلاح الأنفاق، والذي أيضًا أخذ بالتطور ونفذت الكتائب من خلاله العديد من العمليات خلال وبعد انتفاضة الأقصى.
وتطورت العمليات الفدائية واتسعت لتشمل كل مناطق فلسطين، الأمر الذي قابله الاحتلال بالمزيد من الإجرام، وفي محاولة لإخماد المقاومة والقضاء عليها، نفذت طائرات الاحتلال سلسلة اغتيالات للصف الأول من قادة المقاومة وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، إلا أن المقاومة لم تضعف بل زادت قوة.
إحصائيات الانتفاضة
ومع اختلاف أشكال الإجرام التي انتهجها الاحتلال بالانتفاضة ضد الفلسطينيين، ارتقى نحو 4412 فلسطينيًا إضافة لـ 48322 جريحًا، بينما قتل بفعل عمليات المقاومة البطولية 1069 إسرائيليًا وجرح 4500 آخرين.
وتمخض عن الانتفاضة تحرير قطاع غزة بشكل كامل عام 2005، بعد أن أجبر رئيس وزراء الاحتلال أرائيل شارون على الهرب من القطاع بفعل صواريخ المقاومة وعملياتها النوعية.
ووجد شارون نفسه في مأزق سياسي ونفسي، وأصيب بعد عامٍ واحد فقط من انسحاب جيشه من قطاع غزة بحالة هستيرية، ولم يسلم من الأمراض والأسقام، حيث دخل بحالة الخضرية الدائمة، وهي مرض يتلف أجزاء من الدماغ فتدخل المريض بحالة يمر فيها بمظاهر اليقظة والنوم، وفتح العينين وتحريكهما بشكل عشوائي، وإصدار بعض الأصوات غير المفهومة أو الصراخ أو البكاء أو بعض الحركات التي تشبه الابتسام أو الضحك ولكن لا تعبر هذه الحركات أبدًا عن إدراك المريض لنفسه أو لما حوله وإنما تعد هذه الحركات مجرد أفعال منعكسة لا إرادية.
وبقي شارون حبيس هذه الحالة المرضية المعقدة لنحو 8 سنوات، إلى أن توفي أخيرًا في عام 2014.
الأقصى في خطر
وبعد 23 عامًا من انتفاضة الأقصى ما زال المسجد الأقصى في خطر شديد، إثر تمادي جماعات الهيكل بمخططاتها التهويدية الخطيرة، مستغلة وجود حكومة المتطرفين بقيادة بن غفير وسموتريتش.
ويتعرض المسجد الأقصى المبارك في هذه الأيام لاقتحامات متكررة وقد فرض الاحتلال عليه تقسيمًا زمانيًا، فيما يواصل محاولاته لفرض تقسيمًا مكانيا كما فعل بالمسجد الإبراهيمي في الخليل.
وتتواصل الدعوات لحماية المسجد الأقصى المبارك، من مخططات المستوطنين وإفشالها من خلال الرباط فيه، إضافة لدعوات لتحرك الأنظمة والشعوب العربية لنصرته قبل فوات الأوان.