6 سنوات على ذكرى الإرادة والتحدي والصمود، حيث أثبت المقدسيون أنهم قادرون على الوقوف في وجه الاحتلال، وإفشال مخططاته وعدم الانصياع إلى أوامره.
ففي مثل هذا اليوم الموافق الرابع عشر من تموز/يوليو 2017، أصدر رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قرارًا بإغلاق الأقصى ومنع رفع الأذان فيه وأداء صلاة الجمعة، بعد جلسة مشاورات في أعقاب عملية إطلاق النار داخل الأقصى التي نفذها 3 شبان من الداخل المحتل وأسفرت عن مقتل شرطيين من شرطة الاحتلال وإصابة آخرين.
الأمر الذي رفضه المقدسيون رفضًا قاطعًا وواجهوه بكل الطرق والسبل المتاحة، واتخذوا من منطقة باب الأسباط مكانًا لاحتجاجهم، ليصبح الباب أيقونة هذه الهبة.
وسرعان ما امتدت الاحتجاجات إلى مختلف مناطق فلسطين بما فيها الداخل المحتل، وكذلك انتقلت إلى عواصم ومدن عربية، رفضًا لإغلاق المسجد المبارك، لينصاع الاحتلال بعد يومين لصوت الحق، ويقرر فتح الأبواب ولكن بشرط وضع بوابات إلكترونية للتفتيش، الأمر الذي استقبله المقدسيون أيضًا بالرفض القاطع، وقرروا مقاطعة هذه البوابات وعدم الدخول من خلالها.
وواصل المقدسيون احتجاجهم رغم محاولات الاحتلال في الكثير من الأحيان قمع وقفتهم والاعتداء عليهم، واعتقال بعضهم، إلا أنه وقف عاجزًا أمام هذا الصمود، ليضطر صاغرًا لرفع هذه البوابات، بتاريخ 27 يوليو 2017، ويعلن بذلك انتصار الإرادة المقدسية.
على قلبٍ واحد
الخبير في شؤون القدس فخري أبو دياب يروي لـ “معراج” ذكرياته مع هبة البوابات قائلًا: “كنت من أوائل الذين قرروا الصلاة على الإسفلت على أن يمرر الاحتلال مخططاته في الأقصى، وكنا جميعًا على قلب رجل واحد ضد هذه الهجمة الشرسة على أقصانا”.
ويتابع بشعور من العزة والفخر: “كنا جميعًا متعاونين، نساند بعضنا البعض، ونخفف على بعضنا عناء الوقفة والاحتجاج، وكان اليقين والثقة بالله هو خير زاد لنا، كنا نعلم أننا سننتصر في نهاية المطاف”.
أما المرابطة المقدسية هنادي الحلواني والتي كانت من أيقونات هذه الوقفة فتقول لـ”معراج” :”لقد أكرمني الله بالمشاركة في هذه الهبة، لأنها كانت على أبواب الأقصى، وأنا في أغلب الأوقات مبعدة عن الأقصى، ولكن بما أنها كانت على الأبواب فقد شاركت فيها”.
وتكمل المرابطة المقدسية التي تعاني حتى هذه اللحظة من الإبعاد عن الأقصى: “لقد أنزل الله علينا سكينة وثبات ويقين أنه ناصرنا، لم نكن نهابهم ولا نخافهم، كنا نصرخ بملء حناجرنا في وجوههم ونعلم أننا سننتصر، لأننا أصحاب الحق، وصاحب الحق لا يهاب ولا يمسه الخوف”.
ذاكرة المقدسيين
الهبة كانت مليئة بالذكريات البطولية التي شهدها أهالي القدس، والذين أثبتوا أنهم أقوياء ولا يستطيع الاحتلال كسر شوكتهم وإرادتهم.
المرابطة المقدسية سميحة شاهين تقول لـ “معراج” : “أجمل ما كان في الهبة هو التعاون بين كل المرابطين، والصوت الواحد الذي كنا نصدح به، كنا نخفف عن بعضنا ونتشارك حتى اللقمة بين بعضنا، واستطعنا بفضل الله أولا ثم عزيمتنا وحبنا لبعضنا الانتصار بهذه المعركة”.
أما الناشطة المقدسية سناء حرفوش فتقول لـ “معراج” :”يوم الهبة كان يومًا مظلمًا علينا، إلا أننا استطعنا تجاوز هذا اليوم وتحويله إلى نور ونصر وتحرير، وسنبقى نرابط في الأقصى ما حيينا، ولن يستطيع الاحتلال منعنا عن مسجدنا الذي نحبه”.
ويقول المرابط أبو بكر الشيمي من عكا: “من أمام بوابات الأقصى أتى النصر، ففي تلك الأيام كنا نرى النصر أمام أعيننا، وقاومنا حتى آخر نفس”.
ويتابع :”الاحتلال بالبداية قرر فتح الأقصى ولكن عبر بوابات إلكترونية، فرفضنا، ثم أراد فتح كل الأبواب إلى باب حطة فرفضنا، ولم نقبل إلا حين أزال كل العقبات واستسلم أمام قوتنا وصمودنا، وكان ذلك نصرًا عظيما مؤزرًا بعون الله”.