تواصل الجماعات الاستيطانية المتطرفة حشد أنصارها بالآلاف للمشاركة في “مسيرة الأعلام الإسرائيلية” المقررة في الثامن عشر من آيار الجاري والذي يوافق يوم الخميس المقبل، في محاولة لفرض “سيادة” مزعومة لدولة الاحتلال على مدينة القدس المحتلة بشطريها الشرقي والغربي، في ذكرى ما يسمى بـ “يوم توحيد القدس”.
وتسعى الجماعات الاستيطانية لحشد ما يقارب 7500 مستوطن في المسيرة، على الرغم من أن أعلى عدد حشدته خلال السنوات السابقة لم يتعدّ 2200 مستوطن، في ظل ترويجها للسماح للمستوطنين المتطرفين بالدخول إلى المسجد الأقصى ضمن مسار “مسيرة الأعلام الإسرائيلية” المقررة يوم 18 مايو/أيار الجاري.
إجراءات مشددة وتنكيل بالمقدسيين
الناشط المقدسي ورئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب يقول في حديث خاص لـ “معراج”، إن سلطات الاحتلال تتعامل مع قضية “مسيرة الأعلام” بحساسية عالية وخصوصاً من ناحية السيادة على أرض القدس، مؤكداً أن الاحتلال طالما عمل جاهداً على تغيير الوقائع وتزوير التاريخ بالعديد من الممارسات، ولربما أبرزها “مسيرة الأعلام” التي تحاول إثبات أن القدس عاصمة موحدة لكيانه الغاصب.
ويشير أبو عصب إلى أن بطش الاحتلال وإجراءاته الظالمة تتصاعد اليوم من اعتقالٍ وإبعادٍ وهدمٍ واستنزافٍ للمقدسيين في أرزاقهم وحرمانهم من دخول المسجد الأقصى المبارك، على أمل أن يرفع الشعب الفلسطيني الراية البيضاء وتصبح القدس عاصمة موحدة فعلياً لكيانه الغاصب.
وينوه إلى أن سلطات الاحتلال وعبر كافة أذرعها الأمنية أعلنت حالة التهب القصوى، ونشهد اليوم انتشار كبير ومكثف لقوات الاحتلال في مدينة القدس ومحيط البلدة القديمة وأقدمت على اعتقال عدد من المقدسيين وأبعدت مجموعة أخرى قُبيل هذه المناسبة اللعينة.
وتابع: “نتوقع بأن تشهد هذه المسيرة اعتداءات كبيرة على الفلسطينيين من ضرب واعتقال وتنكيل، خصوصاً وأن العام الماضي شهدنا اعتداءات عديدة على السيدات والأطفال وكبار السن، وعلى الرغم من كل ذلك تمكن أبناء شعبنا من رفع العلم الفلسطيني على أسوار القدس عبر طائرة صغيرة، ما جعل الاحتلال يفقد صوابه ويصاب بحالة من العصبية واليأس لأن كل إجراءاته باءت بالفشل”.
ويؤكد أبو عصب أن ما نشهده اليوم من إجراءات وقيود مشددة على مدينة القدس وأبناءها تهدف إلى تذويب الحقيقة وطمسها، فالاحتلال يخشى أن يقال بأن القدس فلسطينية والمسجد الأقصى إسلامي فلسطيني يقع تحت سلطة احتلال بالقوة.
وتوقع أبو عصب أن تتصاعد الاعتقالات بحق المقدسيين اليوم ويوم غد، وأن تشهد محاور البلدة القديمة والشوارع المحيطة بها إغلاق مشدد، وتحديداً شارع صلاح الدين، والسلطان سليمان، وحي المصرارة، ومنطقة مدخل سلوان وباب المغاربة أيضاً.
مساعي الاحتلال لحشد المستوطنين
وخلال حديثه لـ “معراج”، أشار أبو عصب إلى التظافر الكبير بين سلطات الاحتلال لتمرير هذه المسيرة وتحقيق أهدافها، سواءً على صعيد المستوى السياسي أو الأمني أو المستوطنين وجمعياتهم والمؤسسات الاحتلالية، مشيراً إلى أننا اليوم أمام مشهد متناقض، فبينما يعتقل الاحتلال ويبطش ويضع الحواجز العسكرية ويغلق الطرقات ويلجئ لإجراءات ظالمة، نجده يوفر كل سبل الراحة للمستوطنين لتمرير هذه المسيرة.
ويضيف: “شهدنا مستوى عالٍ من التنسيق لتوفير كل سبل الراحة والأمان للمستوطنين سعياً لزيادة أعداد المشاركين في هذه المسيرة، فسلطات الاحتلال توفر للمستوطنين اليوم المأكل والمشرب ووسائل المواصلات والفنادق والمراحيض المتنقلة، والحماية الأمنية العالية عبر الانتشار المكثف لقوات الشرطة والأمن”.
ويتابع: “تعودنا أن تخرج سيدة فلسطينية أو طفل فلسطيني أو شيخ يلوح بالعلم الفلسطيني في وسط المستوطنين، ويثير غضبهم وحقدهم، وبالتالي ينجح أبناء الشعب الفلسطيني ومن خلال مشهد واحد في تبديد كل هذه المظاهر الظالمة”.
صدى رسائل المقاومة بغزة على ممارسات الاحتلال
وحول الرسائل التي أرسلتها المقاومة الفلسطينية بغزة لقادة الاحتلال خلال العدوان الأخير على القطاع، يقول أبو عصب، إن مقاومة غزة أحدثت فرقاً شاساً في حسابات الاحتلال، وأثبتت أن للشعب الفلسطيني ظهر قوي حامٍ يمكنه الاستناد عليه، لافتاً إلى الأثر الكبير لهذا الأمر والذي يأتي تزامناً مع الأزمات الداخلية الإسرائيلية والوضع القانوني المتهلهل لنتنياهو.
ويؤكد أبو عصب على أن كبار قادة الاحتلال بدا خلال تصريحاتهم العديدة بأن التعامل مع غزة أشبه بالتعامل مع “مرض مزمن” لا يمكن الشفاء منه، وفي المقابل نرى نحن الفلسطينيون أن ما تصنعه غزة هو “كرامة مزمنة” لسائر أبناء الشعب الفلسطيني يبنى عليها.
ويشير أبو عصب إلى أن غزة استطاعت أن تدخل في الذهن والفكر الاحتلالي أن الشعب الفلسطيني هو سند لبعضه وصواريخ المقاومة يمكنها أن تصل إلى أي مكان، وأن القضاء على مقاومة غزة أصبح أمراً مستحيلاً وليس شبه مستحيل، وما حدث من عمليات اغتيال في مقاومتها لن يؤثر على قوتها بل سيفجر طاقات عديدة لمواصلة المسير والأخذ بالثأر.