حوّلت شرطة الاحتلال الإسرائيلي مدينة القدس المحتلة إلى ثكنة عسكرية، ونشرت الآلاف من عناصرها ووحداتها الخاصة وقوات “حرس الحدود” في محيط المسجد الأقصى المبارك، والبلدة القديمة.
كما عززت من انتشارها الأمني في المدينة المقدسة، ونصبت الحواجز العسكرية والمتاريس الحديدية عند مداخل البلدة القديمة ومحيط الأقصى، لتأمين اقتحامات المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى وسط استمرار “جماعات الهيكل” المزعوم بتعبئة جمهورها من المستوطنين لمحاولة فرض “قربان الفصح” داخل الأقصى.
المختص بشؤون القدس المحامي خالد زبارقة، أكد أن شرطة الاحتلال أصبحت أحد أذرع الاحتلال التي تقوم هي بنفسها بتغيير واقع المسجد الأقصى المبارك، وأصبحت المقاول المنفّذ الذي يقوم بتنفيذ مخططات الجمعيات اليهودية الصهيونية المتطرفة.
وأشار زبارقة خلال حديثٍ خاص لـ “معراج”، إلى أن الانتشار المكثف لشرطة الاحتلال في المدينة المقدسة وتحديداً في المسجد الأقصى المبارك وإفراغها للمعتكفين بالقوة، يدلل على أنها هي بنفسها من أصبحت تعتدي على المعتكفين والمرابطين من أجل إفساح المجال للمقتحمين اليهود للمسجد الأقصى المبارك.
وأضاف: “مدينة القدس تحولت لثكنة عسكرية إسرائيلية، فقد فرضت الشرطة الكثير من الحواجز التي من شأنها التضييق على المواطنين الراغبين في الوصول للمسجد الأقصى، والتضييق المشدد أيضاً سكان البلدة القديمة، كما تصاعدت وتيرة الاعتقالات التعسفية والمداهمات المتكررة التي طالت شباب القدس والداخل الفلسطيني”.
وشدد زبارقة على أن الفلسطينيين أمام مرحلة خطيرة جداً تتعلق بهوية المسجد الأقصى الدينية كهوية إسلامية خالصة، وما يفعله الاحتلال هو تحويل لهذه الهوية من إسلامية إلا يهودية مستعملاً كافة أذرعه الأمنية والشرطية والمخابراتية في سبيل تحقيق ذلك.
واستهجن زبارقة الصمت العربي والإسلامي الرسمي والشعبي إزاء هذه الجرائم التي تُنفّذ في ساحات الأقصى المبارك بهذه الفظاظة وعلى رأسها المملكة الأردنية الهاشمية التي تحمل الوصاية على المسجد الأقصى المبارك.
وتابع: “ما نشهده على أرض الواقع اليوم من تخاذل عربي رسمي هو نتاجاً لما أفرزته قمتا العقبة وشرم الشيخ الأخيرتين، فدعوات التهدئة التي رافقت هذه المؤتمرات كانت من طرفٍ واحد وكان يرجى أن يتم فرضها على الفلسطينيين والعرب، وفتحت اليد للجمعيات اليهودية المتطرفة لأن تعيث فساداً في الأقصى بمساعدة الشرطة الإسرائيلية، وتحديداً في شهر رمضان الذي يحمل قدسية خاصة”.
وأوضح أن الاحتلال عمل على مدار الساعة طيلة السنتين الماضيتين وتحديداً ببعد “هبة الكرامة” عام 2021 والأحداث التي تلتها عام 2022، على تهيئة نفسه لمثل هذا اليوم، فوضع الخطط ودرّب القوات ونشرها، لافتاً إلى أن مخطط الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك وتغيير هويته بات لدى الاحتلال هو المخطط الصهيوني العالمي الذي تقوم على تطبيقه الدولة بأكملها وكل أذرعها.
ومن جانبه أكد الباحث في الشأن المقدسي فخري أبو ذياب أن الاحتلال عسكر مدينة القدس بشكل كامل وجعلها ثكنة عسكرية، وكافة العناصر التي تم تدريبها قبل رمضان اليوم هي متواجدة في البلدة القديمة ومحيطها وأبواب المسجد الأقصى المبارك.
ولفت أبو ذياب إلى أن من يؤمنون بأفكار وأيدلوجية جماعات الهيكل أصبحوا اليوم يملكون وزارات سيادية في دولة الاحتلال ويدفعون بيد هذه الجماعات لتغيير الوضع التاريخي والديني القائم في المسجد الأقصى، لذلك نجد أن هذا العام الخطر على الأقصى متصاعد وليس كسابقاته.
وأضاف: “هذه الحكومة على تطرفها إلا أنها تخشى من ردود الفعل، وتقيس الأمور بمقياس الربح والخسارة، وتعي تماماً أن تدنيس المسجد الأقصى بالقرابين سيكون الصاعق الذي سيفجر الأوضاع، ليس فقط في القدس وإنما في المنطقة”.
وأوضح أبو ذياب أن ذبح القرابين في باحات المسجد الأقصى المبارك هو إيذان بشكل فعلي لإقامة الهيكل المزعوم وإقامة للبنته الأولى، فما يجري الآن هو استفزاز لمشاعر الأمة العربية والإسلامية وانتهاك صارخ حرمة الشهر المبارك على يد غلاة المتطرفين وبدعم وتعزيز من دولة الاحتلال وأذرعها الأمنية والعسكرية.
وشدد على أن التواجد والثبات والصمود المقدسي والفلسطيني في باحات الأقصى وعلى أبوابه سيفشل كل هذه المخططات وسيحمي المسجد وسينوب عن الأمة في الذود عنه، مشيراً إلى أن هذا الأمر لا يبرر صمت الأمة وتخاذلها فالاحتلال عادة ما يرسل رسائله لجس النبض، وإذا تراخت الأمة انقضّ على الأقصى.