منذ الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك لم تتوقف انتهاكات قوات الاحتلال واعتداءاتها بحق الفلسطينيين في المسجد الأقصى المبارك وعلى أبوابه، وسط فرضها لإجراءات أمنية وعسكرية مشددة وتصاعد في حالات الاعتقال والاستدعاءات اليومية، في محاولة لمحاصرة شعيرة إسلامية وحق شرعي وقانوني وديني خالص للمسلمين في الشهر الفضيل ألا وهي “الاعتكاف”.
وتأتي هذه الاعتداءات في خطوة استباقية لتهيئة المسجد لاقتحامات المستوطنين المتطرفين، خلال ما يسمى “عيد الفصح” العبري المقبل، ومحاولتهم فرض وقائع تهويدية جديدة من شأنها أن تنال من عزيمة الفلسطينيين وتهيأ لمرحلة جديدة من التقسيم الزماني والمكاني في الأقصى المبارك.
وعلى مدار اليومين الماضيين، اقتحمت شرطة الاحتلال، المسجد الأقصى، وأجبرت المعتكفين المتواجدين في المصلى القبلي على الخروج منه بالقوة، في محاولة لإنهاء الاعتكاف الذي بدأ منذ بداية رمضان.
الناشط المقدسي ورئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب يقول في حديث خاص لـ “معراج”، إن حالة الإرباك والحقد التي تجتاح صفوف الاحتلال تنعكس بشكل واضح وبلا خجل على أبناء شعبنا الفلسطيني من خلال تنفيذ حملة اعتقالات يومية في صفوف المصلين من القدس والضفة والداخل المحتل القادمين للصلاة والاعتكاف في المسجد الأقصى.
ويوضح أبو عصب أن الاحتلال يعتدي على المصلين أثناء دخولهم وخروجهم من المسجد الأقصى بصورة جداً فظّة، في محاولةٍ لتصدير مشهد الخوف للشارع الإسرائيلي لتبرهن له أنها تقوم بدورها في قمعهم وضربهم وإرهابهم في سبيل إفراغ ساحات الأقصى أمامهم للاقتحامات وممارسة الطقوس التوراتية.
ويشير أبو عصب إلى أنه وعلى الجانب الآخر، نجد أن الاحتلال يحاول تصدير هذا المشهد للفلسطينيين ليرهب كل من يحاول الاقتراب من المسجد الأقصى المبارك بالرباط أو الاعتكاف أو التواجد الدائم، فالاحتلال يريد أن يُرحّل أبناء شعبنا بكل الأساليب ويريد لهذه البقعة الطاهرة المقدّسة أن تكون خالية من أي وجود فلسطيني.
ويضيف: “بمفارقة بسيطة نجد أن الاحتلال يكرّس كل المجهودات الأمنية والشرطية والموازنات المالية من (فنادق ومواصلات ومصروف جيب لكل مستوطن ودورات المياه المتنقلة) عند الاحتفال بأي مناسبة دينية أو قومية كيوم توحيد القدس مثلاً، ولا يتجاوز العدد 20 ألف مستوطن على أفضل تقدير، بينما نجد أن أبناء شعبنا الفلسطيني يتخطون الحواجز والمُضيّقات ويتم اعتقالهم وإبعادهم والاعتداء عليهم في سبيل النيل من إرادتهم، ورغم ذلك يمتلئ الأقصى على بكرة أبيه وتصل أعداد المصلين والمرابطين في بعض الأحيان 250 ألف – 300 ألف حتى يكاد الدخول ولاوصول للبلدة القديمة شيء من المستحيل”.
ومن جانبه، يقول الناشط المقدسي ماهر الصوص في حديثٍ خاص لـ “معراج”، إن جنود الاحتلال يحاولون استفزاز الفئة الشبابية على وجه الخصوص في المسجد الأقصى، لكن ما شهدناه من استهداف للمعتكفين من المسجد الأقصى ومحاولات إخراجهم عنوة كان لهدفين اثنين، الأول إخلاء المسجد وتمهيداً لاقتحامات المستوطنين التي جرت صباح الأمس تحت حماية شرطة الاحتلال.
ويشير الصوص إلى أن الهدف الثاني، هو إلغاء عبادة الاعتكاف في المسجد الأقصى في ليالي شهر رمضان، لأنها تشكل تجمّع للفلسطينيين من القدس والضفة والداخل ويكون هناك نقاشات واجتماعات بين الشبان لا يرغب الاحتلال بإتاحة المجال لها، ويريد من الفلسطينيين أن يكتفوا بالصلاة ويغادروا المسجد فوراً، مشدداً على أن محاربة عبادة “الاعتكاف” تأتي أيضاً في إطار محاربة المجتمع الفلسطيني بشتى الوسائل وعدم إتاحة الفرصة لأن يكون مجتمعاً متآلفاً ومترابط.
وينوّه الناشط المقدسي إلى أن مدينة القدس تأخذ طابعاً ساحراً في شهر رمضان على وجه الخصوص، فحاراتها وبلداتها القديمة مليئة بالبهجة والزينة الرمضانية وفي لياليها تضجّ أزقتها بالأهازيج والأغاني الدينية والترانيم الرمضانية، الأمر الذي يستفز جنود الاحتلال ومستوطنيه ويولد المشادات الكلامية ومصادرة بعض هذه المظاهر وصولاً إلى الاعتداءات والتنكيل والاعتقال.
وتوقع الصوص أن تدرّج الاعتداءات وصولاً لما أسماه “حرب شاملة” ستشتعل شرارتها فيما يسمى بـ “عيد الفصح العبري” الذي سيعمد الاحتلال وجنوده وقواه الأمنية والشرطية خلاله لإفراغ المسجد الأقصى من المصلين والمعتكفين وإغلاقه في وجه المسلمين لإتاحة المجال أمام اقتحامات المستوطنين والمتطرفين اليهود.