تحاول سلطات الاحتلال فرض سيطرتها على المسجد الأقصى المبارك بشتى الطرق، ليس فقط بداخله بل أيضاً عبر فرض سيادتها على محيطه من البلدة القديمة ومنطقة باب العامود، من خلال تعزيز وجود المستوطنين فيهما، وجعل مسيراتهم الاستفزازية ذات طابعٍ منتظم ودائم.
الباحث في الشأن المقدسي فخري أبو ذياب يقول لـ “معراج” بأن هناك نية من قبل المستوطنين وغلاة المتطرفين من جماعات “بن غفير وسموترتش” على وجه الخصوص لتنظيم مظاهرات أو مسيرات بشكلٍ شبه أسبوعي نحو باب العامود والذي يمثل أشهر بوابات البلدة القديمة، وذلك لعدة أسباب أمنيةٍ وسياسيةٍ واستراتيجيةٍ أيضاً.
ويشير الباحث إلى أن أهم هذه الأسباب يتمثل في تفريغ النصر الذي حققه أهل القدس في باب العامود وخاصةً أن موقعه ما زال يحمل أبعاداً رمزية واستراتيجية يُحقَّقُ بها كل نصرٍ، وي كأنه مصدر السيادة على القدس.
ويضيف أبو ذياب: “غلاة المستوطنين يرون أن تحقيق نصر في المسجد الأقصى عبر باب العامود، هو أمر أقل صعوبة من تحقيقه بداخله، حيث أنهم ملزمون بساعات وأوقاتٍ معينة داخل المسجد الأقصى، يستطيعون تنفيذ الاقتحامات خلالها فقط، أما في باب العامود فيستطيعون المجيء في أي وقتٍ حاملين الأعلام الإسرائيلية والرموز التي يريدونها، وهذا الأمر يعتبر هدفاً بالنسبة لهم لوصم هذه المنطقة بالسيادة الإسرائيلية”.
ويتابع الباحث: “لابد لنا أن ندرك أيضاً أن لقوات الأمن والشرطة الإسرائيلية سيطرة أكبر في منطقة باب العامود، مقارنةً بسيطرتهم داخل المسجد الأقصى المبارك، ولذلك نجد أنه من السهل عليهم محاصرة أو تفريغ هذه المنطقة لحماية هؤلاء المستوطنين في أي وقتٍ وبأي شكلٍ أرادوا”.
ويؤكد أبو ذياب لمعراج، أن السعي لتنظيم هذه المسيرات بشكل أسبوعي أو دائم في هذه المنطقة يأتي لتحقيق غايتين أساسيتين، الأولى هي محاولة ضبط التصعيد والإضطرابات المتوقعة إثر الاقتحام المتكرر للأقصى بأعداد كبيرة والاستفزاز لمشاعر المسلمين حول العالم وسط الاستنفار الأردني من المساس بالوضع التاريخي والقانوني للأقصى.
مستدركاً، والثانية تتمثل في استمرار كسر شوكة ومعنويات أهل القدس بتحطيم رمزية هذه المنطقة عبر فرض السيادة بها لهم أمام عدسات الإعلام والعالم وبشكل دائم، وصولاً إلى غاياتهم المرجوّة.
يذكر بأن جماعات المستوطنين ينظمون مسيرات استفزازية شهريةٍ بالقدس القديمة تحت حراسة مشددة لقوات الاحتلال الإسرائيلي التي تقوم بدورها بتأمين هذه المسيرات عبر إغلاق عدة شوارع محاذية لأسوار القدس القديمة، ونصب الحواجز الحديدية في عدة طرقات، والانتشار داخل البلدة.
وتسود هذه المسيرات أجواء استفزازية لمشاعر المقدسيين عبر قيام المستوطنين بتشكيل حلقات الرقص والغناء وأداء الطقوس الدينية خلالها، خاصة في ساحات أبواب المسجد الأقصى، مستخدمين المكبرات الصوتية.