مع استمرار الحصار المفروض على أهالي القدس في مخيم شعفاط وبلدة عناتا شمال شرقي المدينة لليوم الخامس على التوالي، تجد الوقفات والمواجهات الشعبية الغاضبة التي تقف في وجه الاحتلال مبرهنة على أن المقدسيين ثلة استثنائية تضرب الأمثال في كل مرة على اللحمة الوطنية والعقائدية دفاعاً عن الأرض والمقدسات.
نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس ورئيس أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث الشيخ ناجح بكيرات يقول لـ “معراج”، إن القدس لحمة واحدة وهي جزء لا يتجزأ من اللحمة الفلسطينية، فأي أذى وأي حصار في أي منطقة، هو أذى لكل الفلسطينيين، وبالتالي وهذا الحصار إنما هو عقوبة جماعية اتخذها الاحتلال عندما أدرك فشله، بهدف إرضاء الشارع الإسرائيلي، مؤكداً على أن العقوبات الجماعية هي وسيلة الاحتلال الأولى عندما يحاط بالخيبات والفشل.
وأضاف الشيخ بكيرات: “نشعر بالتضامن الكامل مع أهلنا في مخيم شعفاط وبلدة عناتا المحاصرين، ونرى أن أهالي القدس وقفوا وقفة واحدة، استجابة لنداءات أخوانهم المحاصرين، فكان الإضراب الذي عم اليوم كافة نواحي الحياة في المدن والبلدات المقدسية، وذلك في سبيل إسنادهم والضغط على الاحتلال لفك الحصار المفروض عليهم”، مشدداً على أن المخيم هو جزء لا يتجزأ من الوجود الفلسطيني في القدس.
وأشار بكيرات إلى أن الاحتلال يريد أن يُبقي المسجد الأقصى وكل مناطق القدس على صفيح ساخن، جاعلا من وجوده بلطجة وقهرا لأهالي القدس، فتزامناً مع الوضع القائم في شعفاط، نجد أن هناك تصعيد إسرائيلي في الأقصى وفي كافة مدن القدس، تزامناً مع الأعياد اليهودية اليهودية والاقتحامات التلمودية.
وأوضح لـ “معراج”، أن أهل القدس في معارك دائمة مع الاحتلال، فهم يخوضون معركة في البناء والوجود ويقاسون المر في عمليات الهدم المتكررة لمنازلهم، ويخضون معركة في تعليمهم، وأخرى في اقتصادهم، وهذا الضغط الذي يقع عليهم حتماً سيولد انفجار تظهر اليوم بوادره على ما نراه من أحداث كانت انعكاساً لهذا الضغط القائم عليهم.
وأكد بكيرات أن الصراع مع الاحتلال سيبقى قائماً ما دام الاحتلال موجود، فالصراع بيننا هو صراعٌ على الوجود وعلى الهوية وعلى الثقافة، لافتاً أنه لربنا نحن أمام انتفاضة وهبة جديدة طالما استمر هذا الضغط الذي يمارسه الاحتلال، فكلما كان هناك استهداف لشعبنا ومقدراته، كلما توجه للدفاع عن حقوقه.
وأوضح بكيرات، أن الزخم الشعبي المتصاعد في القدس جاء من منطلق وطني وعقائدي وبيئي، فهذه الحاضنة التي تحتضن المسجد الأقصى وتذود عنه، هي من تجعل أهل القدس ينطلقون عفوياً بمنطلقات عقائدية واعية لمواجهة الاحتلال ونيل الحرية بكل وعي في الوقت والمكان المناسب، واصفا أهل القدس بأنهم أشبه بـ “الجمر تحت الرماد”.
وتشتعل اليوم بلدات القدس غضباً، رفضًا لممارسات الاحتلال العنصرية، وللحصار المفروض على مخيم شعفاط وبلدة عناتا، فقد اندلت المواجهات وعمّ الإضراب الشامل شوارع المدينة المقدسة، وبلداتها وأحيائها ومدارسها، وأغلقت المحلات التجارية، والبلدة القديمة أسواقها، إضافة لإغلاق الطرقات الداخلية في بلدتي الطور والعيساوية، ومدخل مخيم قلنديا، والطرق المؤدية للحاجز العسكري، التزامًا بقرار العصيان المدني التضامني.