توافق اليوم الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد المجاهد المقدسي مصباح أبو صبيح، بعد أن نفّذ عملية دهس وإطلاق نار مزدوجة في مدينة القدس المحتلة، يوم التاسع من تشرين أول/أكتوبر 2016، والتي أسفرت في حينها عن مقتل مستوطنيْن وإصابة آخرين.
والشهيد مصباح أبو صبيح من أهالي بلدة سلوان بالقدس، وكان يبلغ من العمر 40 عاماً، وعُرف في محيطه وبلدته بروحه الفدائية وإقدامه وشجاعته في كل ما يتعلّق بالدفاع عن المسجد الأقصى، والتصدي لانتهاكات قوات الاحتلال الاسرائيلي في العاصمة المُقدّسة.
في اليوم ذاته، الذي شهد تنفيذ العملية، كان من المقرر أن يُسلّم الشهيد أبو صبيح نفسه لقوات الاحتلال لقضاء حكم بالسجن 4 أشهر في معتقل الرملة الاسرائيلي، على خلفية اتهامه بالاعتداء على جندي اسرائيلي في البلدة القديمة.
ولاحقت قوات الاحتلال أبوصبيح طوال أسبوعين قبل يوم العملية، وأصدرت عدّة مرات قرارات بإبعاده عن المسجد الأقصى ومنعه من السفر والحبس المنزلي، كما تعرض للاعتقال أكثر من مرة.
ولقبت الجماهير المقدسية الشهيد أبو صبيح بأسد الأقصى، وكتب عبر حسابه الخاص في موقع التواصل “فيسبوك”، قبل تنفيذه العملية بيومين “الأقصى أمانة في أعناقكم فلا تتركوه وحيدًا”.
وكتب أيضًا في منشورٍ له، فيما يبدو وكأنه رسالة للمسجد الأقصى الذي جرى إبعاده عنه غصبًا “كم أشتاق لعشقي لحبي كم أشتاق وكنت أتمنى لو كنتَ آخر ما أراه وأقبله وأسجد على ثراه، أقبل ترابك وأصلي فيك ولكن هو الظلم وهم الظالمين، لن أشتاق لأحدٍ كاشتياقي إليكَ، لن أحب أحدًا كحبي إياك، رغم سجونهم وحقدهم وجبروتهم وطغيانهم، حبي لك يزداد.. قالوا 4 أشهر سجن، قلت والله قليلٌ، فعمري وحياتي وكل مالي فداه”.
وعن تفاصيل عملية أبو صبيح، ففي صبيحة التاسع من أكتوبر عام 2016 خرج الشهيد بمركبته، متسلحاً ببندقيته من نوع (m-16) وبدأ بإطلاق النار تجاه الجنود والمستوطنين في المنطقة الواقعة ما بين التلة الفرنسية وحتى محطة “شمعون هتسوديك” في القدس المحتلة القريبة من منطقة الشيخ جراح، ثم تبع إطلاق النار بعملية الدهس مستخدما سيارته للتأكد من إيقاع المزيد من القتلى والجرحى.
وقد شكلت العملية صدمة لدى الاحتلال بكل مؤسساته الأمنية، حيث أجمع محللون حينها أن العملية أسست لمرحلة جديدة في العمل المسلح، وفصلا جديداً في انتفاضة القدس، كما أكدوا على أن مواصفاتها لا تشبه مثيلاتها السابقة، إذ نجح الشهيد في تضليل الشاباك حتى اللحظة الأخيرة.
وكان الإعلام “الإسرائيلي” حينها أولى اهتماماً كبيراً بالعملية، وأفرد لها كماً كبيراً من التحليل، إذ رأى في العملية أنها جاءت لتعطي دفعة جديدة للموجة المتواصلة من العمليات التي دخلت عامها الثاني، كما اعتبرتها نقطة تحول لباقي المنفذين المفترضين بذات القوة التي منحتها عملية “إيتمار” بداية أكتوبر من العام 2015.
وقد رأى محللون أن طريقة التنفيذ دلت على مستوى عالي وقدرة على استخدام السلاح، مضيفين أنّ “الشاباك” عمل كل ما بوسعه لضمان اعتقال أبو صبيح، وكان سيبدأ بقضاء محكوميته صبيحة يوم العملية، إلا أنّ أبو صبيح كان ذكياً حتى آخر لحظة، وأجرى مقابلات مع وسائل إعلامية فلسطينية، وأعرب عن استعداده لدخول السجن دون أي إشارة أو حتى شك بخصوص نواياه الحقيقية.
ولا تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثمان الشهيد أبو صبيح، وترفض الإفراج عنه ودفنه بمدينته المقدسة حسب الأصول والشريعة الإسلامية بحجة، “استخدام ملف جثامين الشهداء كورقة تفاوض في أي صفقات تبادل أسرى مستقبلية مع المقاومة الفلسطينية.