معراج – القدس
تُعد الزاوية البسطامية واحدة من أبرز الزوايا الصوفية التي تزين ساحة المسجد الأقصى المبارك في القدس.
وتذكر معظم المصادر التاريخية أن تأسيسها يعود إلى ما قبل عام 770 هـ (1368 م)، بفضل وقف قدّمه الشيخ جمال الدين عبد الله بن خليل بن علي الأسد آبادي البسطامي، وذلك بهدف دعم ونشر تعاليم الطريقة الصوفية البسطامية.
توجد الزاوية البسطامية في حارة بني زيد بالمشارقة، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى النصارى الشرقيين الذين قدموا من منطقة البلقان واستقروا فيها خلال فترة الاحتلال الصليبي، حيث أُطلق عليهم اسم “المشرقيين”، وأصبحت منطقتهم تُعرف بمحلة المشارقة.
تُعرف حارة بني زيد أيضًا باسم حارة السعدية، وتقع بين باب الساهرة والسور الشمالي للمسجد الأقصى، وتُعد واحدة من أهم الحارات في البلدة القديمة بمدينة القدس.
وتقع الزاوية البسطامية تحديدًا أسفل صحن قبة الصخرة من الجهة الشرقية بالقرب من أشجار الزيتون، وتجاورها عدة زوايا أخرى، أبرزها الزاوية الصمادية.
وذكر المؤرخ مجير الدين الحنبلي في عام 1495م أن الزاوية البسطامية كانت تُعتبر مكانًا يجتمع فيه أتباع الطريقة البسطامية والفقراء لذكر الله تعالى.
سُميت الزاوية البسطامية نسبة إلى الصوفي الشهير أبي يزيد طيفور البسطامي، الذي يُعد من أبرز أقطاب التصوف الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ الصوفية.
وتشير بعض المصادر إلى أن أبا يزيد البسطامي، مؤسس الطريقة البسطامية، ينحدر من قبيلة بسطام الواقعة في إيران على الحدود العراقية، حيث تعود أصوله إلى الفرس.
انتقل البسطامي إلى بغداد وأقام فيها زاوية حملت اسم “الزاوية البسطامية”، وبعد وفاته في القرن الثالث الهجري، ترك خلفه عددًا كبيرًا من التلاميذ والمريدين الذين نشروا طريقته الصوفية في مناطق مختلفة، خاصة بلاد الشام ومصر، وأسّسوا زوايا صوفية عديدة تحمل الاسم ذاته.
وفي القدس الشريف، كان الشيخ عبد الله بن خليل بن علي الأسد آبادي البسطامي من أبرز من أسس الزاوية البسطامية، حيث قدم من قريته وشارك في الدفاع عن القدس ضد غزو التتار والمغول خلال فترة حكم تيمورلنك.
وقد أوقف الشيخ جمال الدين عبد الله الزاوية لخدمة الفقراء والمتصوفة من أتباع الطريقة البسطامية، وأقام فيها إلى أن توفي، ودُفن في فناء الزاوية.
شيخ الزاوية
وُلد عبد الله بن خليل الأسد آبادي جلال الدين البسطامي في بغداد، حيث تلقى تعليمه في المدرسة السلطانية الشافعية واشتغل فيها لاحقًا.
عندما قدم الشيخ علاء الدين العسفي البسطامي إلى بغداد من خراسان، اختار عبد الله بن خليل ملازمته، فتتلمذ على يديه وسلك طريقته الصوفية البسطامية، مستفيدًا من علومه وأخلاقه.
شدّ عبد الله الرحال مع شيخه إلى بلاد الشام ومنها إلى بيت المقدس، تاركًا وراءه منصبه وكتبه التي أوقفها لطلاب العلم قبل مغادرته العراق.
استقر في القدس، وبعد وفاة شيخه علاء الدين البسطامي، تولى مهمة تربية الأجيال من المريدين والطلاب، حيث أصبح بفضل مجاهدته وحُسن سلوكه وتواضعه شيخًا صوفيًا مربيًا، له مكانة وهيبة كبيرة بين أتباعه.
وبحسب ما ورد في المصادر التاريخية، خرّج الشيخ عبد الله عددًا من المريدين، كان من بينهم من تولى مشيخة الطريقة البسطامية بعده، مثل الشيخ محمد الأطعاني.
وتذكر كتب التاريخ أن الشيخ عبد الله الأسد آبادي البسطامي كان من أولياء الله العارفين، وتوفي في القدس الشريف عام 794 هـ.