يوماً بعد يوم، تتصاعد انتهاكات المستوطنين وتواصل مخططات الاحتلال للسيطرة الكاملة على الأقصى وإعلان السيادة عليه، فتجدهم يعمدون إلى تدنيس حرمته واقتحامه بأعداد غير مسبوقة، وأداء طقوسهم التلمودية وحركاتهم الاستفزازية في رحابه وعند أبوابه.
وفي ظل الحديث عن آخر المخططات الساعية لفرض التقسيم الزماني والمكاني في الأقصى، -وبحسب باحثين- فالتقسيم الذي يسعى الاحتلال لفرضه اليوم، لا يقف عند السيطرة على مكان أو جزء معين وترك مكان آخر للمسلمين، بل بالسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى والسماح في المرحلة الأولى للمسلمين بالصلاة بأجزاء منه، ثم السيطرة عليه تماماً وطرد المسلمين منه بشكلٍ نهائي.
واقع الاقتحامات في الآونة الأخيرة ..
الناشط المقدسي ماهر الصوص يشير في حديثٍ خاص لـ “معراج”، إلى أن اقتحامات المسجد الأقصى عمل بات يمر بوسائل سلمية دون أن يخلف مواجهات أو ضحايا، معزياً هذه الحالة لإدراك المقدسي بأن الاحتلال ينتظر فرصة ما لعمل ضد مستوطنيه المقتحمين ليكرس واقع جديد على الأقصى.
وأوضح أن هذا الأمر هو ما يفسر حالة الحرص الشديد من المقدسيين في التعامل مع موضوع الاقتحامات والتي يسعون من خلالها لعدم إعطاء الاحتلال مسوغاً لفرض وسائل وأدوات جديدة للهيمنة على الأقصى.
وأكد الصوص على أن النداءات والحملات والتصريحات والاستنكارات بحق كل ما يجري في المسجد الأقصى المبارك باتت كلها وسائل لا تجدي نفعاً لرد هذا المحتل، فهو يضرب بعرض الحائط كل المشاعر العربية والإسلامية ولا يُكن أي احترام لأي زعيم أو دولة.
وأضاف: “هذا السلوك الذي ينتهجه الاحتلال يعود لعدة أسباب أبرزها، الاتفاقات الدولية التي تحميه، ولربما أهمها هو قانون حق العبادة الذي يمنح المستوطنين أحقية تاريخية في هذا المكان بعد نجاحهم في إثبات مزاعمهم الكاذبة وترويجها إعلامياً بشكل جيد”.
ما الأدوات المطلوبة لردع الاحتلال عن اقتحام المسجد الأقصى؟
ويشير الصوص إلى أنه وفي ظل هذه الحالة يجب علينا أن ندرك بأن هناك أدوات عدة يمكن من خلالها ردع دولة الاحتلال عن المساس بالمسجد الأقصى وأولها، القوة، فالاحتلال لا يردعه إلى القوة وهذه سنة الأرض في كل احتلال مر تاريخ البشرية، فالمحتل ما لم يجد قوة فلن يرتدع أبداً
وينوه إلى أن استخدام القوة من داخل المدينة المقدسة أمر صعب إلى حدٍ ما، فالإمكانات محدودة ومحظورة ومراقبة، ونتائج استخدامها تعود عادةً بشكلٍ سلبي على أهالي المدينة وعلى المسجد الأقصى، أما القوة الخارجة والتي جاءت من قطاع غزة على سبيل المثال في معركة “سيف القدس”، ومن العمليات الفدائية المتصاعدة في الضفة الغربية كان لها أثر كبير على ردع الاحتلال وجعله يحسب ألف حساب قبل المساس بالمسجد الأقصى.
ويتابع: “ثانياً، موقف عربي موحد، فقد كنا نتوقع في وقت الاقتحامات والتصعيد في المسجد الأقصى تزامناً مع مسيرة الأعلام أن تخرج علينا القمة العربية بقرار يطلب من المحتل بأن يمتنع بشكل مطلق عن اقتحام المسجد الأقصى وممارسة طقوسه التلمودية بداخله، أما ما جرى من الدعوة للحفاظ على الوضع القائم كان أمراً مخيباً للتوقعات”.
وأوضح الصوص خلال حديثه أن الوضع القائم اليوم في المسجد الأقصى بات يسوغ للاحتلال كل إجراءاته ومساعيه، فالتقسيم الزماني والمكاني أصبح أمراً واقعاً، وتطورت الاقتحامات لتطال ساعات وأيام غير معهودة كيوم الجمعة مثلاً، ليس هذا فحسب بل مشاركة السياسيين والوزراء وأعضاء الكنيست في هذه الاقتحامات، وكذلك انعقاد جلسات الحكومة الصهيونية أسفل المسجد الأقصى له رسائل سياسية كبيرة كذلك.
وشدد على أن ما جاء في القمة العربية التي دعت للحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى هو شرعنة لكل هذه السياسات وهذه الاعتداءات المتصاعدة بحق القدس والمسجد الأقصى.
وأضاف: ” الأمر الثالث يتمثل بتشكيل لجنة عربية إسلامية تضم علماء ومثقفين وأصحاب مناصب سياسية رفيعة لها غطاء شعبي ورسمي، لتقف على كل ما يجري في مدينة القدس، وتصدر مواقف واضحة وبيانات وتنديدات وتحشد الشعوب وتدعوهم للخروج إلى الشارع للتعبير عن الرفض لأي انتهاك يمس المقدسات العربية والإسلامية”.
ونوه الصوص في ختام حديثه لـ “معراج”، إلى أن الاحتلال يخشى حركة الشارع العربي والإسلامي ويعمل دائماً على تغييبه، فدولته دولة قائمة على المصالح وإن هُددت مصالحها هُدد وجودها، وهذا ما يدركه حلفاؤه ويسعون دائماً للمحافظة عليه، مؤكداً على أن هذا التهديد يشكل ضاغط قوي وينسف الرواية اليهودية ويؤكد على هوية الأقصى والقدس العربية الإسلامية.