بقلم: فادي رمضان
75 عاماً مضت على النكبة الفلسطينية، ولا زال الاحتلال يحاول إثبات وجوده على الأرض بشتى الطرق، النكبة التي هجر منها الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ، ليتربع مكانه الصهيوني معلنا باستخدام القوة اغتصابه لأرضه وممتلكاته، ليقيم كيان صهيوني الى زوال قريب ان شاء الله، وبرغم مرور هذه السنين الطويلة، والمحاولات الكبيرة التي تبذلها المنظومة والدولة الصهيونية والمرجعيات الدينية لتغيير الواقع الموجود في مدينة القدس قبلة المسلمين الأولى ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يقول تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) (الاسراء)، الا أنها تواجه بقوة وثبات سكان وأهل مدينة القدس خاصة وعامة أهل فلسطين.
تحاول دولة الاحتلال باستخدام ما يسمى مسيرة الاعلام التي تقام كل عام لتغيير هوية القدس الاسلامية، بتنظيم مسيرات واقتحامات للأحياء الإسلامية والمسجد الأقصى بأعداد كبيرة من المستوطنين ورجال الدين، لكن في مايو 2021 كان القول لأصحاب الأرض مختلفا، وبعد تقييم المقاومة الفلسطينية بغزة للأوضاع وطبيعة التدخل المطلوب لذلك، استقرت على وجوب التدخل عسكريا برشقة صاروخية مباركة على مدينة القدس بعد إعطائها مهلة لدولة الاحتلال بالتراجع عن تنظيم المسيرة، والانسحاب من حي الشيخ جراح، معلنة بذلك عن معركة سيف القدس والتي شكلت قوة ردع جديدة فارقة بتاريخ الصراع، والاعلان عن معادلة وحدت الساحات.
ما الهدف السياسي خلف مسيرة الأعلام عام 2023؟
استنفرت دولة الاحتلال منظومتها الأمنية هذا العام بشكل غير مسبوق في يوم مسيرة الأعلام، التي صادفت يوم الخميس 18 من مايو/ أيار، من خلال ذلك يتضح مدى الصدمة التي لا زال يعيشها نتنياهو بعد معركة سيف القدس، محاولا تغيير مفهوم الهزيمة التي لحقت به وبجيشه، هذا الاستنفار اقراراً بزيف رواية الاحتلال وحقهم في مدينة القدس، مؤكدة بذلك هوية مدينة القدس الإسلامية، فصاحب الحق والأرض لا يحتاج لقوة عسكرية وأمنية ضخمة لتأمين أنشطته على أرضه، من وجهة أخرى رغم كل التصريحات المستفزة الا أنه حاول منع الاحتكاك مع الفلسطينيين بالحد الكبير داخل المدينة منعاً من تطور وانزلاق الأمور لما لا يريده، ويفشل بتحقيق الهدف الرئيسي لنتنياهو خلف مسيرة الاعلام 2023 بترميم صورة النصر المفقود لحكومته.
ماذا تختلف مسيرة الاعلام 2023 عن سابقتها؟
يجب أن لا نجهل أن معركتنا مع الاحتلال هي معركة وجود على كل فلسطين بالدرجة الأولى، وقضية القدس هي قضية إسلامية لكل الدول الإسلامية ولكل مسلم، مهما حاول الاحتلال الاستفراد بالفلسطينيين، ولذلك من المبكر أن نربط قضية القدس بغزة لوحدها، وإنما يجب أن تبقى قضية المسلمين الأولى، لذلك كان قرار عدم التدخل العسكري من غزة لفتح المجال لاستنهاض الأمة، وربط كل فلسطيني وكل مسلم بقضية القدس ورفع الحالة الثورية لتراكم القوة المطلوبة للتجهيز لعملية أو معركة يتم من خلالها إيلام دولة الاحتلال، لذلك مطلوب تفعيل المقاومة الدبلوماسية وغيرها من الأشكال الرافضة لاستفزازات دولة الاحتلال لمشاعر المسلمين، والقيام بحملات تفشل مخططات العدو على جميع الساحات والجبهات العربية والدولية، وتكثيف المؤتمرات والوقفات في الساحات الدولية بشكل مستمر لتبقى قضية القدس هي قضية كل مسلم وغيرها من الأشكال التي تعزز الروح الثورية والاسلامية لدى كل مسلم.
هل المقاومة قادرة على ردع العدو؟
المقاومة الفلسطينية تراكم قوتها لمعركة فاصلة باتت قريبة، والمقاومة أصبحت لها أشكال متعددة في القدس والضفة الغربية والداخل المحتل وغزة فجميع الساحات باتت تعمل بشكل متصاعد، كما أن الجبهات في حالة غليان سيحرق دولة الاحتلال عند ساعة الصفر، والمقاومة تقرأ العدو والميدان بشكل جيد، وأصبحت جرائم العدو بحق الشعب الفلسطيني بعد عملية اغتيال قادة سرايا القدس والاغتيالات شبه اليومية في الضفة ومسيرة الأعلام تستوجب رد مؤلم ومكلف للعدو، لكن في ظل الاستنفار العسكري خلال الأيام الماضية لكل أجهزة دولة الاحتلال يصعب من الوصول للهدف في فترة وجيزة، ومن الحكمة أن تأتي عدوك لحظة استرخاؤه وركونه، والقوة في الرد هي أن تعرف متى تضرب العدو وليس أن يعرف العدو متى ستضربه، فالمقاومة الان في حالة قراءة المشهد على كل الساحات وتفعيل الأداة المناسبة لذلك، بالإضافة لإدارة معركة تحرير الأسرى من سجون الاحتلال التي تولي له المقاومة أولوية خلال هذه المرحلة.