لجنة التخطيط العليا في الإدارة المدنية للاحتلال قررت البدء بشق طريق خاص بالفلسطينيين في منطقة شرقي القدس سيجد الفلسطينيون أنفسهم مضطرين لسلوكه مع اكتمال مساره الجديد، ولن يكون بإمكانهم استخدام الطريق المعتاد (طريق رقم1) الذي يربط جنوب الضفة بشمالها وذلك تمهيداً للقيام بمشروع استيطاني كبير يقسم الضفة الغربية نصفين.
وبحسب صحيفة “هآرتس” العبرية، فإن الإدارة المدنية وصلت مراحل متقدمة في إقرار الطريق الخاص الذي سيقع بمحاذاة المناطق المأهولة شمالي لبلدة العيزرية قرب مستوطنة “معاليه ادوميم” شرقي القدس، حيث سيتيح المجال لبناء جدار عازل حول تجمع مستوطنات “ادوميم”، وبالتالي البناء الاستيطاني في المنطقة الاستراتيجية المسماة E-1 والتي تفصل شمال الضفة ووسطها عن جنوبها.
ويهدف المشروع وفقاً لإعلان الاحتلال، للفصل بين المسافرين الفلسطينيين والإسرائيليين وقطع شارع “غوش أدوميم” للوصول إلى الشارع رقم 1، بعيداً عن المسافرين اليهود، وسيمهد للاستيطان في المنطقة المسماة “E1” ويخلق تواصلا عمرانيا بين مستوطنة معالي أدوميم شرقا والقدس غربا، ليكون التنقل بين المستوطنتين عبر شارعين حيويين، أحدهما يوصل المستوطنة بأريحا والأغوار والآخر يربطها بالقدس على مسافة بضعة كيلو مترات غربا.
مشروع فصل ومحاصرة وضم
الباحث والمختص في الشأن المقدسي فخري أبو ذياب قال في حديثٍ خاص لـ “معراج” بأن الاحتلال يعمل على تجزئة التجمعات الفلسطينية وتحديداً في محيط مدينة القدس المحتلة، لافتاً إلى أن هذا المشروع سيعمل على فصل ومحاصرة التجمعات الفلسطينية بالقرب من تجمع مستوطنات “معاليه أدوميم” ليتسنى للاحتلال ضم هذه المنطقة، وإبعاد الفلسطينيين عن تكملة مشروع “إيوان” الذي تعمل عليه دولة الاحتلال منذ سنوات، والبدء بفصل الضفة الغربية شمالها عن جنوبها.
وأوضح الباحث بأن كلاً من المتطرفين سموترتش وبينيت هما من قادا هذا المشروع، وقد أطلق عليه اسم “شارع السيادة” أو ما يسمى بـ “شارع نسيج الحياة”، و الذي ينطلق ابتداءً من منطقة العيزارية وتجمع مستوطنات “معاليه أدوميم” وصولاً إلى مناطق الأغوار والبحر الميت.
وأضاف: “يهدف مشروع “طريق السيادة” بشكل رئيسي إلى إيجاد ممر من منطقة “جبل البابا” في العيزارية وصولا إلى الشارع الذي يصل منطقة زعير في عناتا”، واصفاً هذا الشارع بشارع “الأبرتهايد” أو شارع الفصل العنصري لكونه سيعتبر ممر خاص فقط بالفلسطينيين، يهدف لمحاصرتهم وسهولة تقييد حركتهم وفرض الرقابة عليهم من جانب، وبمن جانب آخر إتاحة كافة السبل أمام حرية حركة المستوطنين.
النعش الأخير في وجود دولة فلسطينية موحدة
وفي السياق، شدد أبو ذياب على أن خطورة هذا المشروع تكمن في كونه النعش الأخير في وجود دولة فلسطينية أو كيان فلسطيني مستقل موحد، انطلاقاً من كونه سيعمل على عزل القدس عن عمقها في الضفة الغربية، والضم الفعلي للتجمعات الاستيطانية في الجزء الشرقي من مدينة القدس، وإغلاق ما يسمى بـ “بوابة القدس الشرقية” بشكل كامل عن طريق إحاطة هذه المنطقة بالمستوطنات.
وأكد الباحث لـ “معراج” بأن الاحتلال سيصادر من خلال هذا المشروع أكثر من 16 ألف دونم من الفلسطينيين وسيعمل على حشوها بالمستوطنات لإيجاد تواصل عمراني للمستوطنين وفصل التجمعات الفلسطينية ومحاصرتها ليصعب تطورها وتواصلها وتجزأة المجزأ منها.
ويرى أبو ذياب بأن هذا المشروع سيقضى فعلياً على بقايا مشروع حل الدولتين، وسيسلب الأراضي الفلسطينية ابتداءً من شرقي القدس وصولاً إلى حدود البحر الميت وكل منطقة “إيوان”، وبالتالي طرد الكثير من التجمعات البدوية في تلك المنطقة لإبعادها.
ويشير إلى الأهداف الاستراتيجية لدولة الاحتلال خلف هذا المشروع والذ تسعى من خلاله لتغيير الوضع القائم في هذه المنطقة، مستشهداً بحديث سموترتش الذي أعلن فيه أمس أن إزالة وطرد الخان الأحمر ذا بعد سياسي واستراتيجي ولا علاقة له بأمور الترخيص، وما هو إلى لمحو الوجود العربي من هذه المنطقة وإحلال المستوطنين بدلاً منهم.