في ظل تصاعد الهجمة الشرسة التي تنتهجها حكومة الاحتلال الإسرائيلي الجديدة على مدينة القدس بشكلٍ خاص بقيادة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، نشهد تسارعاً في تنفيذ مخططات استيطانية تستهدف الحجر والشجر، هادفة لمحي الوجود الفلسطيني وتسريع عملية التهجير الممنهجة للمقدسيين في كافة أرجاء المدينة.
لم تقف هجمة الحكومة الجديدة عند المشاريع الاستيطانية أو التهويدية في القدس فحسب، بل طالت المقدسات الإسلامية والمسيحية أيضاً في انتهاكٍ صارخٍ لكل ما نص عليه القانون الدولي والمواثيق الدولية، فبات المسجد الأقصى مسرحاً للصلوات والرقصات والطقوس التلمودية في مشهداً يدرك الناظر إليه من بعيد أنه بات تقسيماً زمانياً ومكانياً فعلياً للأقصى وليس مخططاً فحسب.
رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي يقول في حديثٍ خاص لـ “معراج”، إن حكومة الاحتلال الحالية هي حكومة جاءت لـ “تقطف الثمار”، فما تقوم عليه الآن هو إنجاز لبرامج ومخططات لم تنفذ أو كانت تنتظر من ينفذها، لافتاً إلى أن الجو العام الذي يسود اليوم هو جو “تطرف” ويحمل الكثير من الفوضى القانونية والميدانية، والعالم اليوم منشغل ولا يأبه كثيراً لإيقاف هذه التجاوزات والجرائم.
ويضيف الهدمي، قبل سنوات كل ما كنا نسمعه بشأن مخططات الاحتلال والاستيطان كانت مجرد طرح لعطاءات لمشاريع وإصلاحات تتم هنا وهناك، وذلك لأن الظروف لم تكن مواتية حينها، أما اليوم فالظروف مواتية جداً لتنفيذ كل المشاريع والمخططات المتراكمة والمجمدة، ولربما أبرزها ملفات الشيخ جراح، وملف المسجد الأقصى المبارك الذي يتمثل بشرعنة العديد من الطقوس التلمودية ورفع الأعلام وغيرها.
ويؤكد الهدمي أننا نقف اليوم أمام حكومة إسرائيلية “انتحارية” على حد تعبيره، مبرراً ذلك بأن هذه الحكومة ليس لديها ما تخشاه، فمن جانب التطرف والإجرام نجد أنها قد وصمت بالفعل بذلك وحملت هذه الصفة أمام العالم بشكل واضح، لذلك سنجدها تسير على هذا المسار المتطرف دون رقيبٍ من أحد، فأوروبا منشغلة بالحرب الروسية الأوكرانية والولايات المتحدة أعطتها الضوء الأخضر وأعربت عن دعمها التام.
وتابع: “نرى هجمة شرسة جداً على الفلسطينيين والمقدسيين على وجه الخصوص وسنشهد خلال الأيام القادمة تجاوزات كبيرة بما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان وأعني هنا طبيعة الاعتقالات بشكلٍ أخص، فكل شيء متوقع من هذه الحكومة المتطرفة”.
وفيما يتعلق بتحركات السلطة الفلسطينية على المستوى الدولي والأممي، يرى الهدمي أن هذه التحركات إنما جاءت لكسب المزيد من الوقت وتهدئة الشارع الفلسطيني بعض الشيء لكي لا يكون داعم للمقاومة.
وقال الهدمي: “أنا لا أظن أن هذه التحركات نابعة عن حرص السلطة على حماية الشعب الفلسطيني لإيقاف جرائم الاحتلال بحقه، وإنما جاءت لمجرد الاستهلاك الإعلامي لامتصاص نقمة الشارع الفلسطيني لكي لا يتوجه إلى المقاومة”.
وشدد الهدمي على أنه وفي ظل غياب الرقابة والدولية على جرائم الاحتلال ووضوح الموقف الدولي المنافق تجاه القضية الفلسطينية يبقى الرهان الوحيد على الشعب الفلسطيني ومقاومته، مشيراً إلى أن الانفجار بات قريباً جداً وسيبدأ في مدينة القدس ولكن الضفة ستكون هي كرة الثلج الملتهبة التي ستتعاظم يوماً بعد يوم وستقلب الطاولة، فكل المنطقة اليوم باتت مهيئة لهذا الانفجار وليس فلسطين فحسب.
وبما يتعلق بالصراع داخل المجتمع الإسرائيلي أكد الهدمي أن الانقسام داخل المجتمع الصهيوني سيزداد عمقاً، فسنجد أن من كان يتوقع بأن يأتي بن غفير بالأمن والأمان للمستوطنين سيجد أنه فقد الأمن النسبي الذي كان موجوداً قبل “بن غفير”، وبن غفير لن يستطيع أن يواجه الشعب الفلسطيني بل إنه يعي تماماً بأن الانفجار القادم سيكون أكبر منه ومن حكومته.