لا يتوقف الاحتلال بكافة مكوناته وأجهزته العسكرية والسياسة عن شن الهجمات الشرسة بحق الأسرى، فهو لا يكتف باستخدام أساليب القمع والتعذيب والانقضاض على حقوقهم، وإنما يواصل محاربتهم على المستوى السياسي والقانوني، ساعياً لتجريدهم من صفة النضال، عبر سن قوانين تعسفية يشرعها الكنيست الإسرائيلي، والتي تستهدف الأسرى من مختلف الشرائح.
عمليات تهجير شاملة، ومحاربة للوجود الفلسطيني لم تتوقف يوما بحق الأسرى، إنما تتسع مساراتها، عبر ابتكار قوانين ومشاريع قوانين عنصرية، شكلت في السنوات القليلة الماضية، أبرز أدوات الاحتلال الإسرائيلي لمحاولة اقتلاع الفلسطيني من أرضه.
اليوم وعبر الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلية تمت المصادقة بالقراءة التمهيدية، على مشاريع قوانين لسحب المواطنة أو الإقامة من أسرى فلسطينيين من أراضي عام 1948، ممن وصوفهم بأنهم “تلقوا تعويضات من السلطة الفلسطينية مقابل تنفيذ عمل إرهابي” فقد جاء في نصها أنها “تقترح ربطا واضحا بين تلقي راتب لتنفيذ العمل الإرهابي وبين الحق بالمواطنة أو الإقامة”.
وقدم مشاريع القوانين هذه عدد من أعضاء الكنيست من أحزاب الائتلاف، “الليكود” والصهيونية الدينية” و”عوتسما يهوديت” و”يهدوت هتوراة”، ومن الحزبين في المعارضة “ييش عتيد” برئاسة يائير لبيد، و”المعسكر الوطني” برئاسة بيني غانتس. وستحول مشاريع القوانين إلى لجنة الداخلية وحماية البيئة لإعدادها للقراءة الأولى.
رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب، أكد في حديثٍ خاص لـ “معراج”، أن هذا القرار الذي صادق عليه اليوم الكنيست الإسرائيلي، هو قرار عنصري بامتياز الهدف منه سياسي بالدرجة الأولى عبر إدانة النضال الفلسطيني وإحباط أبناء شعبنا الفلسطيني في القدس والداخل كونه يستهدفهم لكونهم من حملة الجنسيات الإسرائيلية المفروضة عليهم في الداخل المحتل، والهويات الزرقاء بصفة الإقامة الدائمة في القدس المحتلة.
وأوضح أبو عصب أن هذا القرار يعبر عن عنصرية شديدة لدى الاحتلال لأنه يمس ويستهدف شريحة كبيرة من الشعب الفلسطيني، إذ أنه لا يكاد يخلو بيت فلسطيني من استهداف الاحتلال لأبناءه بالاعتقال أو الإبعاد أو القتل أو الجرح.
وأشار أبو عصب إلى أن هذه المشروع يأتي في ظل تخييم موجات التطبيع العربي مع الاحتلال، وهذه يعني أن قادة العرب والمسلمين هم من المؤيدين والمساندين لهذا القرار، لأن اتخاذه جاء في العلن وأمام مرآى ومسمع منهم ولم يُتّخذ في الكواليس وخلف السُّتُر، وصمتهم عنه إنما إعلانٌ واضح على شرعنته وتأييده.
وشدد أبو عصب على أن الأسرى في سجون الاحتلال هم جنود معركة خيضت لإنهاء هذ الاحتلال ومن أجل الحرية، وناضلوا من منطلق دفع البطش والتنكيل الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 100 عام، في الوقت الذي لم يجد فيه هذا الشعب من يسانده سوى أصوات شجب واستنكار خجولة هنا وهناك زادت من شهية الاحتلال لاستهداف أبناء هذه الشعب.
وأضاف خلال حديثه لـ “معراج”: “سحب الجنسية أو الإقامة يعني أن الأسير الفلسطيني سيتعرض عاجلاً أم آجلاً إلى الإبعاد، وهذه القضية تمثل جريمة بشعة بحق شخص ناضل وصبر وتحمل العديد من المآسي والعذابات في السجون لأجل العودة لأرضه ووطنه وأهله.
وتابع: بقرارٍ جاء بجرّة قلم من هذا الوزير المجرم الظالم تتمثل أمامنا عقوبة وألم مضاعف لهذا الأسير، كون أن حريته لن تكون إلى مزيداً من الحسرة والمعانة لعدم تمكنه من جمع شتاته مع أهله وأرضه وبيته وأحباءه، وسيتم إبعاده لما يسميه الاحتلال “أراضي السلطة الفلسطينية” وهذا الأمر له آثار خطيرة كونه يحقق غاية من غايات الاحتلال ألا وهي تفريغ القدس والداخل من أهلهما.
من جانبها أدانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين مشروع القانون الذي صادقت عليه الكنيست ظهر اليوم، مؤكدةً أنه يأتي كجزء من التصعيد والإجراءات الصارمة التي شرع بها ما يسمى بوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ضد الأسرى، والتي بدأ بتطبيقها خلال الأيام الماضية عقب زيارته لمعتقل “هداريم”، حيث هدد خلالها بتطبيق إجراءات جديدة تهدف إلى تضييق الخناق على الأسرى، وجعل حياتهم لا تُطاق داخل المعتقلات.
وأكدت الهيئة أن أبناء الحركة الاسيرة على أتم الاستعداد لمواجهة اي تصعيد ضدهم، فقد بدأوا بالتعبئة العامة عبر تشكيل لجان وطنية من مختلف فصائل العمل الوطني، لمواجهة أية إجراءات تنكيلية قد تُقدم إدارة السجون على تنفيذها بحقهم، والتي قد تستهدف حياتهم اليومية واستقرارهم.