بقلم: الشيخ رائد صلاح
بعد أن مُنعت إكراها من السفر إلى تركيا دون وجود أي مستند رسمي يمنعني من هذا السفر، حتى لو كان هذا المستند ظالما، بعد كل ذلك أصدرت حكومة بينت أمرا رسميا ظالما- وفق قانون الطوارئ سيء الصيت- يمنعني السفر إلى الخارج حتى تاريخ 13/8/2022، ولا شك هو أمر منع قبيح، وقد اعتدت عليه، ولم يعد جديدا، ولكن أقبح ما في أمر المنع هذا، هو تعليل هذا الأمر، حيث تقول حكومة بينت على لسان وزيرة داخليتها (أيليت شكيد) في تعليل هذا الأمر ما يلي: (بناءً على المعلومات الموجودة بين يديّ- فإن السيد رائد صلاح- يواصل دوره كرئيس للحركة الإسلامية الشمالية بعد أن تم حظرها كمنظمة إرهابية، ولا يزال هو صاحب الدور الأساس في هذه الحركة، بالإضافة إلى ذلك فهو يواصل إعادة بناء مؤسسات هذه الحركة الإسلامية بعد الإعلان عنها كمنظمة إرهابية، لا بل يواصل إقامة نظم نشاطات جديدة، من خلال قيامه بنشاطات علنية ليست للوهلة الأولى من قِبل هذه الحركة، وذلك بواسطة استخدام مؤسسات شرعية)!! هكذا قالت بالضبط الوزيرة شكيد في تعليلها لأمر منعي السفر إلى الخارج، وهو قول ساذج وتافه، ويقوم على ظلم ثلاثي الأبعاد.
أمّا الظلم الأول في هذه الأبعاد، فهو أن المؤسسة الإسرائيلية حظرت الحركة الإسلامية بناء على أنظمة الطوارئ البائدة منذ عهد الاحتلال البريطاني، ورمت هذه الحركة بتهم باطلة وهمية لا أساس لها. وأما الظلم الثاني في هذه الأبعاد فهو أن المؤسسة الإسرائيلية التي حظرت الحركة الإسلامية لا تزال تدّعي- وهما- أن الحركة الإسلامية المحظورة (إسرائيليا) لا تزال قائمة، رغم أنها هي التي حظرتها، ورغم أنني قلت أكثر من مرة في لقاءات إعلامية، وكتبت أكثر من مرة في بعض مقالاتي أن هذه الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا لم تعد قائمة، ولم أعد رئيسا لها، لأنه من المستحيل أن أكون رئيسا لحركة غير قائمة! وأمّا الظلم الثالث في هذه الأبعاد فهو أن المؤسسة الإسرائيلية تصر على أن تحاسبني على كل عمل أقوم به، في هذه الأيام بادّعاء- وهمي- تقول فيه المؤسسة الإسرائيلية إنني أقوم بهذه الأعمال الشرعية من خلال مؤسسات شرعية بهدف مواصلة الحفاظ على استمرار الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، وجملة هذا الظلم ثلاثي الأبعاد هو ظلم مكعب رديء وغير مسبوق، وحول هذا الظلم المكعب ثلاثي الأبعاد الذي تمارسه حكومة بينت ضدي علانية أسجل هذه الملاحظات:
1- من الواضح أن الوزيرة شكيد تقصد بادّعائها الوهمي الذي تقول فيه إنني أنظم عملا شرعيا اليوم من خلال مؤسسات شرعية، تقصد بذلك عضويتي في لجنة المتابعة، ورئاستي للجان إفشاء السلام المنبثقة عن لجنة المتابعة، وسعيي المتواصل لتنشيط دور لجان إفشاء السلام بالتعاون مع لجنة المتابعة واللجنة القطرية ورؤساء السلطات المحلية العربية والقيادات الدينية من الأهل المسلمين والمسيحيين والدروز، ومع القضاة الشرعيين وأئمة المساجد ورعاة الكنائس ومشايخ الخلوات الدرزية، ومع لجان الإصلاح القطرية والمحلية، ومع المراكز الجماهيرية على اختلاف أسمائها في الداخل الفلسطيني، وهذا يعني أن حكومة بينت بواسطة الوزيرة شكيد تشكك في كل هذا النشاط وتدّعي- وهما ساذجا- أنه يصب في مصلحة حركة إسلامية محظورة اعتبرتها منظمة إرهابية.
2- هذا يعني أن سعيي لتنشيط دور لجان إفشاء السلام وإقامة لجنة إفشاء سلام محلية في كل بلدة في الداخل الفلسطيني، مهما كانت هذه البلدة صغيرة أو كبيرة بعدد سكانها، وإقامة نشاطات محلية وقطرية لكل هذه اللجان على صعيد النقب والمثلث والجليل والكرمل والمدن الساحلية، بهدف تعزيز رسالة إفشاء السلام في مسيرة حياتنا في الداخل الفلسطيني، هذا يعني أن كل هذا النشاط الذي يضم كل الأهل في الداخل الفلسطيني على اختلاف تعددياتهم الدينية والسياسية بات متهما في نظر المؤسسة (الإسرائيلية)، أنه يصب في خانة الإرهاب.
3- فيا للعجب إذا كان تنشيط دور لجان إفشاء السلام بهدف تعزيز رسالة إفشاء السلام في مسيرة حياتنا في الداخل الفلسطيني يصب في خانة الإرهاب في نظر المؤسسة الإسرائيلية. فما هو العمل الذي لا يصب في خانة الإرهاب في نظر هذه المؤسسة؟! وهل معنى ذلك أن حكومة بينت تطالبني بين سطور (فرمان شكيد!) أن ألتزم الصمت وأن أبقى في بيتي حتى ألقى الله تعالى حتى لا أتهم أن أعمالي الشرعية تصب في خانة الإرهاب؟! أم أن المطلوب مني أن أرضى لنفسي أن أكون ذيلًا في مسيرة المؤسسة الإسرائيلية حتى لا أرجم بالإرهاب من قبل أبواق في هذه المؤسسة، وحتى لا يواصل بعض المراهقين الإسرائيليين التحريض على قتلي- حتى الآن- يوميا عبر مواقعهم المختلفة.
4- إن مسيرة لجان إفشاء السلام هي ليست مسيرتي الشخصية، بل هي مسيرة كل جماهيرنا في كل الداخل الفلسطيني، فهل كل هذه الجماهير باتت متهمة في نظر حكومة بينت أنها تقوم بأعمال تصب في خانة الإرهاب؟!
5- نعم أنا اليوم رئيس للجان إفشاء السلام كرائد صلاح فقط، وبصفتي الشخصية فقط وكعضو في لجنة المتابعة العليا فقط، وغدا قد لا أكون رئيسا لها، لأنها ليست مؤسستي، بل هي إحدى لجان لجنة المتابعة العليا، بل قد لا أكون غدا عضوا فيها، وهذا لا يضيرني اطلاقا، وهذا ليس مربط الفرس، بل مربط الفرس أن تواصل لجان إفشاء السلام دورها خدمة لكل أهلنا في الداخل الفلسطيني بعيدا عن أوهام حكومة بينت وادّعاءات المؤسسة الإسرائيلية. وأن تواصل لجان إفشاء السلام دورها بدوني أحب إليّ من أن أظل فيها.