بقلم: د. عصام شاور
ما يجري الآن وبعد مرور مسيرة الأعلام دون اشتباك عسكري مع الاحتلال أمر بالغ الأهمية من الناحية الإعلامية، حيث تسعى (إسرائيل) إلى إثبات أن المعادلة التي تحققت من خلال سيف القدس؛ سلاح المقاومة للدفاع عن الكل الفلسطيني ” لم تعد قائمة، وهذا أمر غير صحيح حتى لو تحركت الأقلام والألسن الموالية للعدو لتثبيت هذا الوهم، وسوف تتبخر كل أوهامهم مع أول مواجهة مع الاحتلال.
مسيرة الأعلام بحد ذاتها ليست سببًا كافيًا لشن حرب على غرار سيف القدس، ومن الطبيعي ألا يكون عليها رد عسكري، ولكن ما أربك البعض في الشارع الفلسطيني هو حجم التهديدات التي سبقت المسيرة، وقد يكون للمقاومة هدف من تلك التهديدات.
ليس من الحكمة إشعال حرب من أجل مسيرة أعلام، كما لا تستطيع غزة إشعال حرب من أجل استشهاد شخص هنا أو هناك أو هدم بيت هنا أو هناك، فهذه انتهاكات متروكة للشارع الفلسطيني في الضفة الغربية، ولكن هناك أسبابًا قد تكون موجبة للحرب مثل محاولة تهجير سكان وخاصة من القدس أو عمل مجازر وسقوط كثير من الشهداء أو المساس المباشر بالأقصى والمقدسات أو أي شيء من هذا القبيل مع ضرورة توفُّر الظروف المناسبة للرد أيضًا.
هناك من خرج من القدس ليقول: إن القدس وحدها وإن الفصائل خذلتها وعلى أهل القدس عدم انتظار الدعم من الفصائل، ما قاله ذلك الشخص وأمثاله إنما هو ترويج للرواية الإسرائيلية ولا يجب الوقوع في مثل هذا الفخ، وكذلك من خرج من غزة ليقول هناك مليار مسلم فلماذا تريدون من غزة أن تقاتل هو أيضًا يروج للرواية الإسرائيلية، ولا بد من التأكيد أن الأصوات التي تخرج من القدس أو من غزة ليست بالضرورة أصواتًا وطنية، رغم قداسة القدس واحترامنا لأهلها ورغم المكانة الرفيعة التي تحتلها غزة في قلوب الفلسطينيين، فنحن ضد أصوات النشار وضد الترويج لما يريده الاحتلال.
قال البعض إن المقاومة فوتت على الاحتلال فرصة ضربها وأنه أعد العدة من أجل ذلك، وكان ينتظر غزة أن تقع بالفخ وترد بالصواريخ، وهذا الكلام طعنة للمقاومة وتقليل من شأنها وإظهارها مظهر الضعيف وغير القادرة على مواجهة الاحتلال، ولو كان المحتل قادرًا على ضرب غزة فهو لن يلعب لعبة الاستدراج بل سيضرب دون تردد ودون ذرائع، ولذلك نحن نثق تمامًا بالمقاومة ولا ننتظر حتى تفسير ما حدث لأنه لم يخرج عن المتوقع وعن السياق المنطقي.