معراج – القدس
يُعد سبيل الكأس في المسجد الأقصى المبارك بمدينة القدس من أعرق وأجمل معالم المياه التاريخية، إذ يعود تأسيسه إلى القرن الثامن الهجري (الـ14 الميلادي) في حقبة الحكم المملوكي، ما يجعله من أبرز الأسبلة ذات القيمة الجمالية والرمزية.
أنشئ في القرن الثامن الهجري (الـ14 الميلادي) خلال الحكم المملوكي بأمر من الأمير تنكز الناصري، وذُكر لأول مرة في عام 737هـ/1336م.
وفقًا لما رواه المؤرخ ابن كثير، كان السبيل في البداية عبارة عن بركة كبيرة أُنشئت عقب وصول القناة المائية إلى القدس بأمر من الأمير تنكز، حيث أصبحت مصدرًا مهمًا للمياه في المسجد الأقصى.
في العهد العثماني جدد السلطان سليمان القانوني السبيل وأضاف إليه “الكأس”، وهو عنصر رخام متقن التصميم يتوسط البركة، يخرج منه الماء لينساب إلى الحوض الكبير المحيط. ذكر الرحالة أوليا الجلبي في كتابه “سياحة نامة” تفاصيل هذا الترميم والإضافة التي أكسبت السبيل شكله المميز.
مع مرور الزمن أضاف المجلس الإسلامي الأعلى في بداية القرن العشرين درابزينًا حول البركة لحمايتها من العبث، وجُددت الكراسي الحجرية المحيطة وأُضيفت صنابير للوضوء. يقع سبيل الكأس في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى، بين الجامع القبلي والبائكة الجنوبية، ويُعرف بتصميمه الأسطواني، بركة الماء التي تتوسطها ماسورة مياه، وحوله 20 مقعدًا حجريًا بألوان جميلة.
المياه التي كانت تفيض من السبيل كانت تُنقل عبر قناة أرضية إلى بئر البحيرة المجاورة كما وصفها الرحالة النابلسي، حيث أشار إلى أن الكأس كان نافورة يتوسطها حوض رخام كبير يتصل بصهريج مائي أسفل المسجد.
وإلى الشرق من السبيل، تقع مصطبة الكأس التي تحتوي على شبه محراب لتحديد اتجاه القبلة، وتُظللها شجرتا سرو، مما يجعلها مكانًا مثاليًا للعبادة والوضوء. السبيل لا يزال يُستخدم حتى اليوم، ليبقى شاهدًا حيًا على جمال العمارة الإسلامية وعبقرية هندسة المياه.