معراج – القدس
مغارة الشموع، الواقعة بأرض قرية دير الهوا الفلسطينية المهجرة في أقصى المنحدرات الغربية لجبال القدس بالقرب من وادي الصرار، تُعدّ تحفة طبيعية استثنائية. يحتضن الكهف أسرارًا عميقة وتشكيلات صخرية مذهلة، حيث أبدعت الطبيعة لوحات بلورية ساحرة تخطف الأنظار.
وتُعرف مغارة الشموع أيضًا بالمغارة الكارستية أو كهف الحليمات العليا، وتقع في أقصى المنحدرات الغربية لجبال القدس. تحتضنها سفوح تطل على المنطقة الساحلية الممتدة من اللد والرملة وصولًا إلى البحر الأبيض المتوسط، مما يضفي عليها موقعًا فريدًا يجمع بين الجمال الطبيعي والأهمية الجغرافية.
تاريخ المغارة
تم اكتشاف مغارة الشموع عام 1968 على يد راعٍ فلسطيني، الذي أخبر السلطات “الإسرائيلية” عنها ليتم استكشافها رسميًا.
وتقع المغارة على مساحة 5000 متر مربع، ويبلغ طولها حوالي 90 مترًا وعرضها 85 مترًا، يعتقد الجيولوجيون أن عمر المغارة يعود إلى 25 مليون سنة، حينما ارتفعت جبال القدس والخليل من تحت سطح البحر.
وتشكَّلت المغارة بفعل عوامل النحت والتعرية نتيجة لمياه البحر، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون المنبعث من جذوع النباتات، مما خلق بيئة حامضية ساعدت في تكوّن صواعد وهوابط من حجري الجير والدولوميت على مدار ملايين السنين.
في عام 1975، فتح الاحتلال المغارة أمام الزوار، وأصبحت محمية طبيعية تابعة لسلطة حماية الطبيعة “الإسرائيلية”.
وتكونت مغارة الشموع نتيجة لعملية ذوبان الصخور الجيرية عبر آلاف السنين. وتعتمد الإذابة الكارستية (نسبة إلى منطقة كارست في أوروبا، حيث تم اكتشاف مثل هذه المغارات لأول مرة) على توفر عدة شروط أساسية، أهمها:
- كميات كافية من الأمطار: لا تقل عن 400 مليمتر في السنة، وكلما زادت الأمطار، زادت عملية الإذابة.
- غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو.
- صخور قابلة للذوبان: خاصة الصخور الجيرية (الكالسيت).
- كربونات الكالسيوم.
- شقوق في الطبقات الصخرية: التي تسهل عملية تسرب الماء إلى داخل الصخور، مما يزيد من فعالية عملية الإذابة وتشكيل المغارات.
تتم عملية إذابة الصخور الجيرية بفعل حامض الكربونيك، الذي يتكون من تفاعل الماء مع ثاني أكسيد الكربون. عند ملامسة الحامض للصخر الجيري، تحدث تفاعلات كيميائية تؤدي إلى إذابة الصخر وتحويله إلى بيكربونات الكالسيوم.
من الظواهر الطبيعية التي تكثر في الكهوف هي الأعمدة الهابطة (الهوابط) والأعمدة الصاعدة (الصواعد)، التي يحتاج تكوّنها إلى آلاف السنين. في مغارة الشموع، توجد صواعد وهوابط يزيد عمرها على 300 ألف سنة. قد يصل طول الهوابط إلى 4 أمتار، بينما يكون قطرها في بعض الأحيان بضع مليمترات فقط، وأحيانًا يصل إلى عدة أمتار.
تستمر بعض الصواعد والهوابط في النمو، وعند التحامها ببعضها، تشكّل أشكالًا ورسوما طبيعية، بالإضافة إلى الجمالية الناتجة عن تدفق المياه من السقف إلى الأرض.
العلماء يرجحون أن قطرات المياه المعدنية، وعلى مدار آلاف السنين، هي التي شكلت هذه الطبقات الكارستية في المغارة، بالإضافة إلى عوامل وعناصر طبيعية أخرى، مثل الكالسيوم.
ونتيجة لوقوع المغارة تحت سطح الأرض ومعزلها عن أشعة الشمس، تتميز بدرجات حرارة ثابتة ونسب رطوبة مستقرة طوال العام، ما يجعلها مُنعشة في الصيف ومعتدلة في شتاء جبال فلسطين.
على الرغم من صغر حجم مغارة الشموع مقارنة بمغارات كارستية أخرى في أوروبا، فإن تنوع الأشكال والصواعد والهوابط جعلها مميزة عن غيرها.