بقلم: موفق الخطيب رئيس وحدة شمال غرب القدس
السلم الأهلي يمثل حالة الأمن والاستقرار التي تتيح للفرد والمجتمع العيش بطمأنينة وسلام، بما يضمن تحقيق الطموحات الشخصية والجماعية. وفي محافظة القدس، العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني، يصبح تحقيق هذا السلم تحديًا كبيرًا في ظل السياسات الاحتلالية التي تستهدف تقويض استقرار المجتمع الفلسطيني.
القدس ليست كباقي المحافظات؛ فهي تحتل مكانة خاصة من حيث الأهمية التاريخية والدينية، وتعد ثاني أكبر محافظة فلسطينية من حيث عدد السكان بعد الخليل.
لكن هذه الخصوصية جعلتها في مرمى سياسات الاحتلال، الذي يسعى بكل الوسائل لعزل المدينة عن محيطها الفلسطيني ومنع السلطة الوطنية الفلسطينية من ممارسة أي دور فيها، بما في ذلك منع عطوفة المحافظ عدنان غيث من أداء مهامه.
تفرض هذه السياسات واقعًا قاسيًا، حيث تم عزل البلدة القديمة عن باقي أحياء المدينة وضواحيها الشمالية والشرقية والغربية، والتي تضم نحو ثلاثين بلدة وقرية.
والجدار والحواجز العسكرية قطّعت أوصال المدينة، وأدت إلى تقسيم سكانها بين حملة الهوية الزرقاء (الإسرائيلية) والهوية الخضراء (الفلسطينية)، في محاولة دؤوبة لتفتيت النسيج الاجتماعي الفلسطيني وفرض واقع احتلالي جديد.
في مواجهة هذا الواقع، تسعى المؤسسات الفلسطينية إلى الحفاظ على السلم الأهلي وتعزيز صمود المواطنين.
ورغم القيود المفروضة، تواصل هذه المؤسسات، بالتعاون مع البلديات والمواقع التنظيمية والشخصيات الاعتبارية، دورها في تعزيز الأمن المجتمعي وحل النزاعات.
والحملة التي أطلقها عطوفة المحافظ تحت عنوان “رحماء بينهم” تأتي في هذا السياق، حيث لاقت ترحيبًا واسعًا من مختلف القطاعات، مثل التربية والتعليم والأوقاف والمؤسسات الأهلية.
وهذه الجهود أثبتت أهمية تعزيز القيم الدينية والاجتماعية في بناء حالة من الطمأنينة والأمان تبدأ من الأسرة وتمتد لتشمل المجتمع بأسره.
لكن الطريق ليس خاليًا من التحديات. فهناك بعض الأطراف التي تحاول استغلال الأوضاع لتحقيق مكاسب شخصية، مما يعيق الجهود المبذولة.
ومع ذلك، فإن تعزيز الشراكة بين المؤسسات الرسمية والأهلية والعشائرية، بما يكفل احترام القانون الفلسطيني، يشكل الأساس لضمان الاستقرار وتعزيز السلم الأهلي.
إن الحفاظ على السلم الأهلي في القدس ليس مجرد هدف بل هو ضرورة وطنية تعكس صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
فالعيش بكرامة وأمان هو حق أصيل لكل مواطن فلسطيني، وعلينا مواصلة العمل لتحقيقه مهما بلغت التحديات.