منذ سنوات يحاول الاحتلال بكافة الأساليب السيطرة على مصلى “باب الرحمة” الواقع بالجهة الشرقية من المسجد الأقصى المبارك، ويُلاحق كل من يحاول إعمار “باب الرحمة”، ويُعاقبه بالاعتقال والإبعاد، ما يؤكد أطماعه بالمصلى وجميع مساحة المنطقة الشرقية من الأقصى المبارك.
ومنذ إعادة فتح المصلى خلال هبة “باب الرحمة” في فبراير/ شباط 2019، حاول المقدسيون أكثر من مرة ترميم المصلى وإدخال السجاد إليه، وفواصل خشبية لتفصل النساء والرجال أثناء الصلاة، بالإضافة لإزالة الركام من المنطقة الشرقية المهملة وتسوية ممراتها، لكن الاحتلال يُصادر في كل مرة جميع محتويات المصلى الجديدة.
جماعات “إدارة الهيكل” الاستيطانية أعلنت عن عودة اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، اعتبارًا من اليوم، وسط دعوات لاقتحامه يوم الأربعاء القادم للاحتفال بما وصفته بـ “يوم الاستقلال”.
وللمرة الثانية خلال يومين اقتحمت شرطة الاحتلال صباحاً المصلى، وخرّبت كافة محتوياته، وأقدمت على قطاع أسلاك الكهرباء عنه ومنعت الحراس من الاقتراب والدخول، وصادرت جميع محتوياته بعد تحطيمها، تزامنًا مع منع المصلين من الدخول إليه أو الاقتراب من محيطه.
مؤشرات خطيرة
الخبير في تاريخ القدس والمسجد الأقصى والباحث في الشأن المقدسي د. جمال عمرو أكّد في حديثٍ خاص لـ “معراج” بأن اقتحام الاحتلال ومستوطنيه لمصلى باب الرحمة والاعتداء بشكل وحشي على ممتلكاته تدلل على أن الاحتلال اتخذ قراراً قد تدرّج فيه خطوة خطوة باتجاه وضع اليد واعتبار مصلى باب الرحمة الركيزة الأولى التي ينطلق منها إلى سائر أنحاء المسجد.
وأوضح د. عمرو أن الاحتلال يعتبر أنه قام بإنجاز مرحلة متقدمة على الأقل تتمثل بحجز المكان وإبعاد المصلين عنه قدر الإمكان وإبعاد موظفي الأوقاف وحراس الأقصى عنه ومنعهم من التصوير نهائياً في المكان أو الاقتراب.
وأشار إلى أنه وفي وجه هذه المؤشرات الخطيرة جداً قام المصلين بإعمار هذا المكان باعتباره جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك، وخلال العشر الأواخر من شهر رمضان عندما انقطعت أقدام الاحتلال الهمجية من دخول الأقصى وتدنيسه، قام المصلون بتحسين البنية التحتية للمصلى من خلال تجهيز المكان بالكوابل الكهربائية لغرض توفير التهوية المناسبة والإنارة الجيدة، خصوصاً مع دخول أعداد كبيرة إلى هذا المصلى.
وأضاف الباحث لمعراج: “الاحتلال أصيب بصدمة مع هذه التحسينات بعد اعتقاده بأنه قطع مشواراً كبيراً ووعد جماعات المستوطنين بأنه لن يسمح بإعادة تفعيل باب الرحمة على وجه الخصوص كجزء أساسي من المسجد الأقصى، فأقدم على إزالة كل هذه التمديدات وعاث خراباً في المصلى وأفسد كل ما أصلحه المصلون، وهذا يدل على أن الاحتلال يخطط لتنفيذ أهداف خبيثة وخطيرة جداً بحق باب الرحمة في داخله وخارجه”.
ولفت عمرو إلى أن الاحتلال من خلال هذه الممارسات في المسجد الأقصى يريد أن يوصل رسالة للفلسطينيين بأن “انصرفوا” فقد سمحنا لكم ببعض أيام العبادة، ولكننا سنبقى أصحاب السيادة والحكم والقوة العسكرية الغاشمة وبوسعنا فعل ما نشاء، ولذلك نجدهم يرسلون رسائل قوية وقاهرة في محاولة لإحباط الشعب الفلسطيني ودفعه للقبول والصمت.
وأشار الباحث إلى أن الفلسطينيين اليوم يناطحون بالكف المخرز كما يقال وهيهات لأن يقبلوا بإرادة هذا المحتل، متسائلاً هل سيبقى أمر الدفاع عن المسجد الأقصى محسوماً ببعض الأعداد من المرابطين والمصلين أو حتى الفلسطينيين!
أساليب المواجهة لرد هذه المخططات
وفي سياق متصل، دعت شخصيات وجهات مقدسية، المواطنين لأداء صلاتي المغرب والعشاء اليوم في مصلى باب الرحمة بالمسجد الأقصى، مؤكدةً، أن الدعوات جاءت من أجل الدفاع عن المصلى وحمايته من مخططات الاحتلال والمستوطنين.
وتعقيباً على هذه الدعوات، بيّن الباحث لـ “معراج” أن الدعوات يجب أن تتوسع لتشمل ساعات اقتحام المستوطنين أيضاً في ساعات الصباح والعصر، في محاولة لرد مخططات الاحتلال وردعه عن القيام بتدنيس طهر المسجد الأقصى.
وشدد عمرو على خطورة الاعتماد فقط على الدفع بالناس العُزّل لمواجهة الاحتلال في الميدان ودفع الثمن لوحدهم، داعياً إلى وجوب التحرك الرسمي والعربي والإسلامي، ومطالباً بموقفٍ رسمي من دائرتي الأوقاف الأردنية والفلسطينية.
وتساءل: “لماذا لا تقوم دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بنقل واحدة من أهم مكوناتها ووحداتها السبعة عشر لباب الرحمة التي يحدث عندها مراجعات كثيرة، كالمحكمة الشرعية مثلاً التي تُسيّر بها كل معاملات الزواج والطلاق وما شابه أو لجنة الزكاة مثلاً؟ ليبقى المكان عامراً بالفلسطينيين”