بين قرارات الهدم في المدينة المقدسة واستباحة المستوطنين لباحات الأقصى في أعظم أيام المسلمين، يتردد على ألسنة قادة الاحتلال يوماً بعد يوم قرارت وتصريحات من شأنها أن تؤدي لتفجير الأوضاع في القدس والأقصى خلال شهر رمضان المبارك.
تصريحاتٌ وصفت بالخطيرة سربها موقع “كيباه” المتدين اليوم للمتطرف الصهيوني وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، من محادثةٍ مع شرطة الاحتلال جاء فيها: “لنتحدث الآن عن جبل الهيكل، هذا جنون، هذا استسلام تام للإرهاب، علينا أن ندرس عدد الأيام، ليس بالضرورة أن تكون عشرة، أحياناً كانت تسعة وأحياناً سبعة”.
هيئة البث العبرية كانت قد أوضحت في تقريرٍ بثته بأنّ المتبع منذ سنوات، تجنب تنفيذ أي عمليات هدم خلال شهر رمضان في شرقي القدس تجنبًا للتصعيد والتوتر في المنطقة، أما اليوم فشرطة الاحتلال بدأت تعد العدة لتنفيذ تعليمات “بن غفير” على الرغم من التكلفة المحتملة ومن التحذيرات التي أطلقها رؤساء الأجهزة الأمنية من تحركاته، غير أنه يتجاهل هذه التحذيرات ويصدر تعليماته للشرطة على غير المعتاد.
وفي ذات خط التصعيد كانت جماعات الهيكل قد طلبت رسمياً إغلاق المسجد الأقصى أمام المسلمين في الأسبوع الثالث من رمضان لإفساح المجال لعدوان الفصح العبري؛ معتبرين أنّ رمضان الحالي سيكون “اختباراً لـ “بن غفير” ليثبت أنه المالك الحقيقي” للأقصى، أما “بن غفير” فعقَّب على قرار رئيس الوزراء نفتالي بينيت في العام الماضي بإغلاق الأقصى أمام المقتحمين في العشر الأواخر من رمضان بأنه “رفع للراية البيضاء واستسلم للإرهاب” فإذا به يواجه اليوم اقتراحاً من قيادة شرطته باتخاذ قرار مماثل.
الناشط المقدسي أسامة برهم أشار في حديث خاص لـ “معراج”، بأن هذه التسريبات جاءت لكي يفهم الناس بشكل أعمق ما يحدق في المسجد الأقصى المبارك، فالاحتلال يحاول أن يصارع لكي يكون هو صاحب السيادة في المسجد الأقصى المبارك مع غياب السيادة الأردنية قسراً، ومع إبعاد ومحابة واعتقال المرابطين، وبإثارة هذا النقاش أراد الاحتلال أن يسوق لأن السيادة الكاملة على الأقصى هي سيادة يهودية، وأن بن غفير هو من يملك القرار.
وأوضح برهم أن الخلاف قائم على فتح أبواب المسجد الأقصى أمام اقتحامات المستوطنين خلال الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان، لافتاً إلى أن المواطن المقدسي أو الفلسطيني لا يستطيع أن ينظر إلى جزئية القضية فيبات كمن يشرعن اقتحامات المستوطنين طيلة أيام العام، ويربكه أن يستباح فقط في الأيام العشر الأواخر.
ولفت برهم إلى أن فرضية إغلاق المسجد الأقصى المبارك أمام المستوطنين خلال العشر الأواخر من رمضان ليست دقيقة، فالاحتلال يمنع المستوطنين من الاقتحامات وتبقى الأبواب مشرعة أمام الشرطة الاسرائيلية، وهذا الأمر يبرز بشكل كبير في قضية ملاحقة ومنع والتضييق على المعتكفين والتدخل في شؤونهم.
وتابع: “اعتكاف المقدسي أو الفلسطيني في المسجد الأقصى في العشر الأواخر من رمضان يكون كما نسميه “خاوة”، فالاعتكاف المطلق غير مسموح سوى في ليلة وحيدة بالعشر الأواخر وهي ليلة القدر التي تبقى فيها أبواب الأقصى مشرعة أمام المصلين والمرابطين والمعتكفين على مدار الساعة، وباقي الأيام يكون الاعتكاف رغماً عن الشرطة الإسرائيلية التي تحاول بشتى الطرق طرد المعتكفين وتفريغهم من الأقصى المبارك”.
ويشدد برهم على أن الخلاف الإسرائيلي الموجود حول إغلاق أبواب الأقصى من عدمه أمام المستوطنين، لم يأتِ من منطلق قدسية لهذه الأيام عند المسلمين أو مراعاةً لمشاعرهم، وإنما من منطلق علم الاحتلال بأن كل من يستطيع الوصول للأقصى المبارك من الضفة والقدس والداخل سيكون متواجد وبكثافة في هذه الأيام، وبالتالي فإن هذا القرار يأتي كل عام خوفاً من ردود الفعل الفلسطينية تجاه هذا الانتهاك، وخوفاً على الأمن والأمان على مستوطنيهم.
ويستدرك، المتابع لقضية الاقتحامات يدرك جيداً بأن الاحتلال يحاول الوصول إلى إنجاز ورقم معين حتى وإن كان عن طريق الخداع أو التمويه، فنحن نسمي الاقتحامات الصباحية للمسجد الأقصى بـ “الباب الدوار”، وذلك لأن بعض المستوطنين المقتحمين للأقصى من باب المغاربة يهرولوا خروجاً من باب السلسلة ويعاودون اقتحام الأقصى المبارك مرة أخرى لكي يتم احتساب عدد المقتحمين بشكل مضاعف وأنه في ازدياد.
ويضيف برهم: “خلال السنوات الأخيرة الماضية تزايدت المطالبات بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لشرعنة اقتحامات المستوطنين على مدار الساعة، واليوم نجد أن غلاة المستوطنين وأمناء جبل الهيكل والمدارس الدينية تحاول أن تنجز شيء على الأرض وإن لم يكن تقسيم مكاني فليكن تقسيم زماني وشرعنة الاقتحامات في أيام عظيمة كرمضان والأعياد”.
وفي ذات السياق دعا مدير الأوقاف الإسلامية في المسجد الأقصى الشيخ عزام الخطيب في حديثٍ خاص لـ “معراج”، لعدم استباق الأحداث والانتظار لرؤية ما إن كان بن غفير سيستطيع ترجمة هذه الأقوال إلى أفعال على أرض الواقع أم لا.
وأشار إلى أن تصريحات بن جفير تأتي في سياق الاستعراض الإعلامي وحشد التأييد من المتطرفين، مشدداً على أن هذا المسجد هو مسجد إسلامي خالص للمسلمين وحدهم لا يشاركهم فيه أحد ولا يقبل القسمة ولا الشراكة مع أحد.
وأشار الخطيب إلى أن الأيام العشر الأواخر من رمضان هي أيام اعتكاف للمسلمين في المسجد الأقصى المبارك، وعادة ما كان يغلق باب الاقتحامات أمام المستوطنين في هذه الأيام، راجياً من الله أن تسير الأمور هذا العام كما السابق وألا يحرم أي مسلم من الصلاة والاعتكاف في الأقصى خلال هذه الأيام
ودعى الخطيب المسلمين جميعاً للحشد والرباط والتواجد الدائم في المسجد الأقصى لصد كافة مخططات الاحتلال والتأكيد على إسلاميته وأنه وقف خالص للمسلمين جميعاً وليس للمقدسيين أو الفلسطينيين وحدهم.