قال نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس ورئيس أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث الشيخ ناجح بكيرات، إن ذكرى الإسراء والمعراج جاءت اليوم لتجدد بنا اليقين بأن كل مصاب ونازل تصيب المسلمين لها ما بعدها فرج عظيم على مر التاريخ، فتجدنا دائماً في هذه الذكرى نستبشر ونستشعر النصر والرضى.
وأشار بكيرات إلى أنه حينما نزلت النازلة بنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وحوصر في شعاب مكة وأوذي من ثقيف وعاش عام الحزن استقبلته السماء، حينما حوصر الصحابة (رضوان الله عليهم) جاءهم الفرج وانتصروا وملكوا الدنيا وفتحوا بيت المقدس، وبعد طاعون عمواس حكموا الأرض، وفي عين جالوت بعد هجمة التتار والأذى الذي ألحقوه بالمسلمين انتصروا نصرا عظيما، فالإسراء والمعراج ذكرى تبشرنا بنصر الأمم الثابتة على الحق.
وأوضح خلال حديثه لـ “معراج” بأنه وبعد هذا الاحتلال وفي هذه الذكرى لازلنا نستشعر بالانتصار الحتمي بإذن الله، فقضية الأقصى قضية إسلامية عالمية مرتبطة بانتشار هذا الدين وليس في إقليم بعينه، فأهل القدس والأقصى اختاروا الطهارة التي اختارها نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) عندما شرب اللبن على بوابات بيت المقدس.
وتابع: “حتى اليوم ما زالت القدس ملهمة للعالم الإسلامي أجمع ورغم كل مضايقات الاحتلال وتشديداته ومحاصرته للمسجد الأقصى ومحاولته لمحو هذه القضية من نفوس المسلمين عبر حملات التطبيع البائسة التي قادها مؤخراً، إلى أن الوفود العربية والإسلامية لازالت حتى اليوم تحيي هذه الذكرة العظيمة في المسجد الأقصى المبارك، فشاهدنا اليوم الوفود التركية والماليزية والأوروبية تتجول بالأقصى وفي البلدة القديمة إحياءً لهذه الذكرى الجليلة”.
كيف يحيي المقدسيون هذه الذكرى؟
ولفت بكيرات إلى أن وفي مثل هذا اليوم من كل عام عادةً ما تنشط الأسواق في القدس وتعود الحياة للبلدة القديمة، ولكن ليس بالشكل التي كانت عليه قبل الاحتلال فهذا النشاط كان يدوم أسابيعاً، أما اليوم فينتهي بحلول ساعات المساء من ذات اليوم، مؤكداً على أن ذلك حلّ بفعل الاحتلال الذي قصر الزمان وضيّق المكان، وحتى على المستوى الرسمي فبعد أن كنّا نشهد حضوراً لافتاً للوفود الدبلوماسية والوزراء والمسؤولين في الأقصى، نجد اليوم أن كل هذه المظاهر قد اختفت بفعل الاحتلال وسياساته.
وأكد على أن المقدسيين يعيشون اليوم في ذكرى الإسراء والمعراج مرهقين بآلامهم وهمومهم، فبعضهم يعيش بلا مأوى وبعضهم بات اليوم بلا عمل، وبعضهم مثقلٌ بالديون، فهذه الذكرى جاءت اليوم تحمل في طياتها الأمل بقدر ما يحمله المقدسيون من ألم وحصار، تمثل بهدم البيوت والمصالح التجارية وقطع أرزاق الأسرى والمقدسيين وعوائلهم، ناهيك عن الطرد والإبعاد والتهجير والتهويد الممنهج وحملات التشويه والتحريض كذلك.
ويشير الشيخ بكيرات إلى أن هذه الذكرى تمر هذا العام بشكل استثنائي مؤلم ومرير، قائلاً: “في الأعوام السابقة كنا نشهد هذه الذكرى في المسجد الأقصى المبارك وسط احتفالاتٍ كبيرة تزينها فرق النشيد، ومحاضرات دعوية، وكنت أشرف بنفسي على برامج قرآنية وإرشادية كبيرة جداً، أما اليوم فاحتفال الأوقاف جاء بشكل بسيط شبه وظيفي بسبب إجراءات الاحتلال في حصار هذه المظاهر وتقليص النشاط والوجود”.
وشدد بكيرات على أن المقدسي رغم كل هذا الألم لم يتخلّ عن دوره يوماً ولم يفتأ من الحفاظ على هذه المدينة والرباط فيها، فلا زال يشعر بالخشوع والبركة وهو يتجول في أزقتها ويشاهد قبابها ومآذنها، ولازال يستشعر بحجم الأمانة التي يحملها التي تسلمها النبي من الأنبياء جميعاً ثم أورثها للصحابة حتى وصلت إليه.