لازال المقدسيون يبدعون في أساليب مواجهة سياسات الاحتلال التصعيدية اللّاقانونية التي تستهدف وجودهم على أرضهم بشتى الطرق والوسائل، سعياً لتهجيرهم قسرياً وإحلال المستوطنين بدلا منهم، في سبيل إضعاف الوجود المقدسي ليصبح أقليةً وإضفاء الطابع اليهودي الاستيطاني على المدينة المقدسة التي يحلمون بجعلها عاصمةً موحدةً لدولتهم المزعومة.
تمثل سياسة “هدم المنازل والمنشآت” أبرز تلك السياسات التي يستهدف بها الاحتلال الوجود المقدسي، والتي يرى مختصون بأن وتيرتها قد تصاعدت بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة وتحديداً، منذ تنصيب الحكومة الجديدة برئاسة نتنياهو وبقيادة المتطرفين بن غفير وسموترتش.
وسائل صمودٍ ابتدعها المقدسيون
ابتدع المقدسيون أساليب مواجهةٍ عديدة للسياسات التصعيدية التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحقهم وتستهدف وجودهم ومقدساتهم وحقوقهم المختلفة، ولربما كان أبرزها، “الهبات الشعبية والإضراب الشامل وإعلان العصيان المدني” في وجه هذه السياسات ورفضاً لتماديها.
الناشط المقدسي وعضو لجنة حي بطن الهوى بسلوان، كايد الرجبي، يقول لـ “معراج”، المواطن المقدسي يرفض رفضاً تاماً التعرض لنكبة أو هجرة جديدة ويؤمن أن صموده وثباته ورباطه على أرضه في وجه كل الإغراءات التي يقدمها الاحتلال لسلبه هذه الأرض، هو السبيل الوحيد لطرد هذا المحل من هذه الأرض الطاهرة.
ويشير الرجبي إلى أن الشارع المقدسي اليوم يشهد صحوةً وتكاثفاً شعبياً لافتاً في وجه سياسات الهدم والتهجير التي ينتهجها الاحتلال بحق المقدسيين، فاليوم وجدنا الصغير والكبير والرجال والنساء قد هبّوا جميعاً للوقوف في وجه محاولات الهدم التي سعت جرافات الاحتلال لتنفيذها بحق عدد من المحال التجارية المهددة في جبل المكبر، وقبل ذلك شاهدنا الفعاليات الشعبية الرافضة لهذا السلوك الإجرامي كإشعال إطارات السيارات “الكوشوك”، وسكب الزيت على الطرقات لإعاقة مركبات الاحتلال، وغيرها من الوسائل الشعبية.
وشدد الرجبي على أن اصطفاف المركبات اليوم أمام المحلين التجاريين المهددين بالهدم في حي الصلعة، وتصدي الأهالي وتجمهرهم، أعاق دخول الجرافات، وأعطى المحامي فرصة لاستصدار أمر لتجميد الهدم لمدة 14 يومًا.
ودعا الرجبي الجهات المجتمعية والحكومية والدولية للسعي لتعزيز صمود المقدسي وثباته على أرضه، عبر المزيد من الوسائل، وأهمها توفير الدعم القانوني والمالي اللازم له في ظل كل التحديات التي تواجهه لإرغامه على ترك منزله أو هدمه ذاتياً أو إغلاق مصدر رزقه ومحله التجاري الذي يعتاش من خلاله.
يذكر أن الناشط المقدسي كايد الرجبي، هو أحد المهددين بالتهجير القسري من منزله في حي بطن الهوى ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، وذلك برفقة عائلته المكونة من 35 فرداً، وقد عرض عليه الاحتلال مبالغ مالية طائلة للتنازل عن منزله ولكنه رفض ذلك.
ومنذ مطلع العام 2023، فشلت جرافات الاحتلال للمرة الرابعة، بتنفيذ عمليات هدم في جبل المكبر، نتيجة الحراك والحاضنة الشعبية والتفاف الأهالي حول العائلات المهددة منازلهم بالهدم، والاعتصام داخل المنازل لحظة الاقتحام.
“تسارع الهدم” عنوان المرحلة القادمة
من جانبه، أشار الباحث المقدسي فخري أبو ذياب في حديثٍ خاص لـ “معراج”، إلى أن ازدياد وتيرة “هدم المنازل” ستكون عنوان المرحلة القادمة في مدينة القدس، وذلك لأن هذه السياسة تعد الخلية الأضعف أمام العالم وأمام الضغط الدولي بفعل الذرائع والحجج التي تسوقها حكومة الاحتلال وبلدياتها أمام العالم.
وأوضح أبو ذياب أن “مجزرة” الهدم ستطال كافة أحياء القدس كشكل من أشكال العقاب الجماعي الهادف لإشغال المقدسيين بحياتهم المأساوية، في ظل صمت دولي أو استنكار خجول هنا وهناك يعطي الاحتلال جرأة أكبر لممارسة هذا المتنفس ألا وهو “هدم المنازل”.
ونوه أبو ذياب إلى أننا سنشهد تنفيذ لأوامر هدم بشكل يومي في مختلف أحياء القدس وبوتيرة متسارعة، ولكن ليس بشكل جماعي، وإنما منزل أو منزلين هنا وهناك، لأن الاحتلال سيراعي عدم الوصول إلى مرحلة “التطهير العرقي” الذي سيخالف كافة الأعراف والمواثيق الدولية والذي سيثير العالم أجمع.
يذكر بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، قد قامت اليوم الإثنين بإخلاء 5 محال تجارية في بلدة جبل المكبر بمدينة القدس المحتلة، تمهيدًا لهدمها.
ولكن عائلة صري المقدسية، استطاعت في ذات الوقت انتزاع حكم قضائي، بتأجيل عملية هدم محالها التجارية في حي الصلعة في بلدة جبل المكبر بمدينة القدس المحتلة، لمدة14 يوماً.
وكان وزير الامن القومي الإسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير، قد أوعز بهدم بناية سكنية يقطنها نحو 100 مقدسي في حي وادي قدوم في بلدة سلوان يوم غد الثلاثاء.