تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي وبكل أدواتها العسكرية والقانونية وعبر الجمعيات الاستيطانية ومساعيها الحثيثة والمستمرة أيضاً للسيطرة على أكبر مساحة من أراضي مدينة القدس المحتلة، عبر استراتيجياتٍ كثيرة وبمسمياتٍ عدة، ظاهرها فيه التطوير والتمدن والإصلاح وباطنه فيه الفساد والإفساد والطرد والتهجير والاستيطان.
إجراءات إسرائيلية فعلية لتهويد الجزء الشرقي من مدينة القدس، ومحاولة تذويب أي فوارق ما بين شرقيّ المدينة وغربيّها، وخصوصاً بعد الإعلان الأمريكي باعتبار القدس عاصمة موحدة للكيان، الذي أُعلن باسمه بدأ سياسات تهويدية جديدة، تذيب أي فوارق بين الجزئين، لتبدو لأي قادم للمدينة أنها واحدة.
ولم تترك سلطات الاحتلال الإسرائيلي وسيلة إلا استخدمتها لاستهداف بلدات وقرى شرقي القدس المحتلة، سواء بالمشاريع الاستيطانية أو عمليات الهدم، أو إقامة المراكز الأمنية والعسكرية، تمهيدًا لمحاصرتها بالاستيطان والمستوطنين، وتقييد حركة أهلها وتعريض حياتهم للخطر اليومي.
الباحث والمختص في الشأن المقدسي فخري أبو دياب يقول في حديثٍ خاص لـ “معراج” إن بلدية الاحتلال ستصعد بشكل كبير في الأيام القادمة من سياسة “هدم المنازل” الأمر الذي سيؤدي إلى “مجزرة هدمٍ” ستطال العديد من المقدسيين عبر إخلائهم من منازلهم تمهيداً لارتكابها، ما سيعرض مئات المقدسيين لخطر الطرد والتهجير.
وأشار أبو دياب إلى أن وزارة المالية الإسرائيلية حوّلت لبلدية القدس الغربية ما قيمته 3.5 مليون شيكل، بهدف استقطاب مزيد من المتعهدين للقيام بعمليات الهدم وإنجازها بشكل أسرع، لافتاً إلى أن هذه الميزانية تعتبر زيادة فوق الميزانية التي تحصل عليها البلدية بشكل دائم من وزارة مالية الاحتلال.
وأكد بأن المحكمة المركزية التابعة لسلطات الاحتلال في مدينة القدس رفضت تجميد قرارات الإخلاء بحق منازل عائلة شحادة التي تقطن في حي بطن الهوى ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، لافتاً إلى أن هذا الإخلاء سيؤدي إلى طرد حوالي 30 فرد من عائلة شحادة.
وأوضح أبو دياب أن هذا القرار الصادر عن المحكمة المركزية سينسحب على 87 عائلة في حي بطن الهوى بسلوان، حيث أن 700 شخص مهددون بالتهجير والتشريد في العراء، بعد أن ربحت جمعية “عطيرت كوهانيم” قضية رفعتها على أصحاب هذه الأراضي البالغة مساحتها 5200 دونم في محاكم الاحتلال ادعت من خلالها بأنها تعود ليهود جاءوا من اليمن بين عامين 1865 و1886.
وأضاف: “رفض تجميد قرارات الإخلاء بحق المقدسيين وقبول مثل هذه الادعاءات في محاكم الاحتلال والسعي قدماً لتهجير المقدسيين عبر المحاكم والقضاء الإسرائيلي، جاء نتيجةً لتولي الجهات المتطرفة الوزارات السيادية والمتنفذة في حكومة الاحتلال وخاصة “بن غفير” و “سموترتش”، وأيضاً لعدم استطاعة بن غفير تنفيذ تغيير حالي وفوري للوضع القائم في الأقصى نتيجة الضغط الدولي، وبالتالي فهو يلجأ للحلقة الأضعف وهم المقدسيين عبر تهجيرهم وطردهم من منازلهم”.
وشدد الباحث على أن بن غفير يبحث عن نصر لتسويقه أمام غلاة المتطرفين والمستوطنين من مؤيديه ومنتخبيه، عبر إثبات بأنه يقوم بتحقيق ما وعدهم به، فلذلك سنشهد خلال الأيام القادمة ضغط على عائلة “شحادة” بدايةً ثم “الرجبي” و”غيث” و”أبو رموز” وكافة العائلات المهدد بالطرد في بطن الهوى كخطوة أولى، ثم سينتقل بعد ذلك للخان الأحمر المهدد بالإخلاء بقرارات من المحكمة المركزية أيضاً.
يذكر بأن بلدة سلوان تمثل المنطقة الجنوبية والجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى، ويعيش عليها قرابة 60 ألف نسمة، وتمتد على 6540 دونم تقريبا، وتمثل الخاصرة الرخوة لجنوب المسجد الأقصى، وتتعرض لعمليات تدمير منذ عقود ماضية.