تواصل “جماعات الهيكل” المزعوم حشد أنصارها من المستوطنين عبر الترويج لحملات النقل المجاني لمقتحمي المسجد الأقصى المبارك، لتنفيذ اقتحامات واسعة ومركزية للأقصى، خلال ما يسمى “عيد الأنوار/الحانوكا” اليهودي، والذي يبدأ في 18 كانون أول/ ديسمبر الجاري ويستمر لمدة ثمانية أيام.
وتطلع تلك الجماعات إلى نقل طقوس إشعال الشمعدان للأقصى في أقرب وقت ممكن، إذ يحمل هذا العيد التوراتي معنىً مختلفًا بوصفه يستذكر “تدشين المعبد الثاني” المزعوم، وبالتالي يستحضر أوهام “تدشين المعبد الثالث” مكان المسجد، وهو الهدف الإجمالي الذي يعمل لتحقيقه اليمين الإسرائيلي بمختلف مكوناته.
وفي الوقت ذاته تتواصل الدعوات الفلسطيني إلى ضرورة الحشد بشكل واسع والرباط في المسجد الأقصى خلال الأيام المقبلة، في ظل نية المستوطنين زيادة اقتحاماتهم للمسجد وإحياء أعيادهم اليهودية، والتي من المتوقع أن يشهد خلالها الأقصى مزيدًا من الانتهاكات الإسرائيلية، في ظل تولي حكومة يمينة متطرفة، يرأس أمنها الداخلي المتطرف إيتمار بن غفير.
تصريحات تحمل فحواها خطورة بالغة
مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس عزام الخطيب أكد لـ “معراج” أن الأوقاف تنظر بخطورة بالغة إلى التصريحات العنيفة التي تصدر بحق المسجد الأقصى المبارك من قادة الاحتلال ومستوطنيه، فهذا المسجد للمسلمين وحدهم لا يشاركهم به أحد، معتبراً أن أي اعتداء على الأقصى المبارك هو اعتداء على جميع المسلمين وعقيدتهم.
وأشار الخطيب إلى أن دائرة الأوقاف الإسلامية ترفض موضوع اقتحامات المستوطنين للأقصى قولاً واحداً سواء أكانت في أعيادهم أم اقتحامات يومية، كما ترفض التدخل في شؤون الأقصى المبارك، لأن ذلك يعتبر انتهاك لحرمته بالقوة ودون تنسيق مع أحد، ويفعلون ما يفعلوه من انتهاكات وتدنيس لحرمته وقدسيته.
وشدد الخطيب على رفض دائرة الأوقاف لكافة الإجراءات الإسرائيلية التي تتم في سبيل تذليل الاقتحامات وتسهيلها أمام المستوطنين سواءً من قرارات الإبعاد الغير مبررة والاعتقالات اليومية لرواد الأقصى ومرابطيه.
وتابع: “إبعاد أي إنسان عن مسجده وحرمانه من ممارسة أركان دينه وعقيدته أمر مرفوض مطلقاً، ولكن هذا الاحتلال يفعل ما يشاء بالقوة ضارباً بعرض الحائط كل القوانين والأعراف والشرائع التي تكفل للمسلمين حرية العبادة على أرضهم وفي أحد مقدساتهم”.
المرابطين بين الاستهداف والصمود
وفي ذات السياق تقول المرابطة منتهى أمارة من مدينة أم الفحم بالداخل المحتل والمبعدة عن الأقصى لـ “معراج”، إنه في ذات الوقت التي تحاول فيه جماعات المستوطنين حشد العدد الأكبر من المقتحمين للأقصى، تقوم سلطات الاحتلال على الصعيد الآخر بإبعاد واعتقال أكبر عدد من المرابطين والمرابطات الدائمين في المسجد الأقصى.
وتؤكد المرابطة أمارة: “الاحتلال يقوم بإشعال فتيل الأحداث بيده، ومع ذلك لا نستسلم نحن المرابطين والمرابطين بالمطلق لقرارات المنع والحبس والإبعاد ولذلك تجدنا نتواجد بشكل دائم على أبواب المسجد الأقصى يقيناً منا أنه وإن كنّا فئة وثلة قليلة فسننتصر على هذا المحتل بإيماننا وعقيدتنا وثباتنا الراسخ على الحق”.
وتقول مستدركة: “لوجودنا على أبواب الأقصى الصدى الأكبر والدور الأكبر فلنا صوتنا وكلمتنا نعليها في وجه الاحتلال وجنوده ومستوطنيه ليعلم القاصي أننا أصحاب الحق وأصحاب الأرض ولن نتخلى عن مقدساتنا ولن نترك الأقصى وحيداً بإذن الله، وسيبقى الأقصى في أمان طالما بقي في باحاته وعلى أبوابه من يعلي صوته وبالحق يطالب”.
مرحلة جديدة تحمل أبعاداً مختلفة
من جانبه أكد الناشط والمختص في الشأن المقدسي ماهر الصوص في حديثه لـ “معراج”، أن المرحلة القادمة هي مرحلة احتدام للمواجهة مع الاحتلال وستشهد تصعيد خطير بصورة لم يسبق لها مثيل، ما ينذر بتفجير الوضع في الساحة المقدسية، خصوصاً في عهد المتطرف بن غفير الذي سيتولى وزارة الأمن الداخلي والذي يعتبر أحد أبرز عناصر مؤسسة “كهانا” الإرهابية بحسب التصنيف الأميركي التي تحمل أفكار هدم الأقصى وإقامة الهيكل.
وأضاف: “ايتمار بن غفير سيسعى لتكريس فكر ومبادئ مؤسسة “كاهنا” الإرهابية على أرض الواقع من خلال المنصب الذي سيشغله اليوم، فسنجد أن ما سيجرى على أرض الواقع هو تطبيق لما يدو في رأس الجندي على رواد الأقصى ومرابطيه، الأمر الذي سيعكس عنجهية وعنصرية الاحتلال، وهذه الأفعال سنجدها تطال الجميع بما فيهم كبار السن والنساء والأطفال، لأنه سيسعى بحسب ما صرح لإيجاد واقع جديد”.
وأكد الصوص أن كل التهديدات والممارسات الجديدة التي يحاول بن غفير فرضها لإرهاب المقدسيين لن تخيفنا ولن ترعبنا، وإنما ستزيدنا إصراراً على التمسك بمسجدنا ومقدساتنا، وسنجد أن هناك أنواع مقاومة جديدة وفريدة من نوعها وغير متوقعة قد برزت على ساحة المواجهة مع الاحتلال دفاعاً عن الأقصى.
وشدد على أن المقدسيين لا ولن يرضوا بالتقسيم الزماني ولا المكاني ولا أي قوانين ستفرض بما يتعلق بأقصانا، فالمسجد الأقصى جزء من عقيدتهم الراسخة، ولا يستطيع أي مسلم التهاون في أي انتهاك قد يمس قدسية هذا المسجد.
وحول تصريحات الإدارة الأمريكية بالحفاظ على الوضع القائم بالأقصى والتحذير من أي تصعيد أشار الناشط الصوص إلى أن المقدسيين لا ينظرون بعين الجدية لمثل هذه التصريحات، ولا يرون فيها إلا محاولة لحفظ ماء الوجه، وإن كانت جادة في ذلك فلتوقف الدعم.
وتابع: “لقد وصلنا إلى مرحلة متقدمة جداً في مجابهة الاحتلال، فقد بتنا نسيء وجهه ونكشف حقائقه وممارساته القذرة يوماً بعد يوم أمام أعين العالم، وحتى عندما أراد أن يبرر قبح أعماله وفظاعة جرائمه، قام بالتغطية عليها بجرائم ٍ أخرى وما حدث في جنين ونابلس والقدس شاهد على ذلك، وسنجد قريباً أن العالم أجمع يقطع المد البشري والمادي لكيان الاحتلال بمجرد أن أصبح الموقف ضد مصالح أمريكيا وأوروبا في الشرق الأوسط”.
يذكر أن جماعات الهيكل المتطرفة تعتبر (عيد الأنوار/حانوكا) مناسبة إضافية لتأكيد وجودها في المسجد الأقصى المبارك عبر الاقتحامات الشديدة والكبيرة التي تحاول من خلالها تغيير الوضع القائم فيه، من خلال إقامة صلوات محددة وخاصة في هذا العيد.