لا يكاد يمر يوم إلا وتمارس فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسة الاعتقال والاستدعاء لمرابطين وحراس بالمسجد الأقصى المبارك، ومن ثم إصدار قرارات بإبعادهم عن المسجد لفترات متفاوتة، بهدف إفساح المجال للمستوطنين المتطرفين باقتحامه، ولإحكام سيطرتها المطلقة عليه.
وتتصاعد هذه السياسة وتتعاظم تزامناً مع ظروف احتلالية تهويدية تمر على الأقصى وتتمثل بالأعياد اليهودية والمناسبات الدينية لجماعات المستوطنين، فتتخذ سلطات الاحتلال أوامراً بتكثيف قرارات الإبعاد بحق المرابطين والمرابطات بهدف تفريغ المسجد الأقصى من أهله وإتاحة المجال للمستوطنين لتدنيسه وإقامة طقوسهم وشعائرهم التلمودية دون أية قيودٍ أو مضايقات.
المرابطة المقدسية هنادي الحلواني من وادي الجوز في مدينة القدس المحتلة، أكدت لـ “معراج” أن الإبعاد في الأيام العادية عن الأقصى هو قهر، وتحديدا عندما يكون المرابط لا يبعد سوى أمتار قليلة عن الأقصى ويسمع صوت أذانه ويراه بأم عينيه ولا يستطيع أن يصلي فيه ركة واحدة، ومشددة على أن الإبعاد في الأيام التي تشهد تصعيداً واقتحامات موسعة يكون قهراً أعظماً وأكبر، لأننا ندري أن إبعادنا إنما كان بغرض تفريغ مكاننا للتدنيس والاقتحامات والصلوات والرقصات والعربدات داخل الأقصى المقدس.
وأضافت: “الشيء الوحيد الذي نستطيع أن نفعله هو التواجد عند أقرب نقطة، على أبواب الأقصى عند باب السلسلة على بعد أكثر من 100 متر وعند باب الأسباط وباب حطة على بعد أكثر من 20 متر، ومحاولة صد الاقتحامات والوقوف في وجه المستوطنين المقتحمين المأجورين الذين لا يمثلون إلا قلة بكلمة “الله أكبر”، مؤكدة على أن الدفاع عن المسجد الأقصى لا يكون فقط بالرباط والتواجد داخله وإنما أيضا خارجه وبالكلمة وبالصوت والصورة.
وأوضحت الحلواني أنها منذ عام 2012 وحتى اليوم في 2022 تم إبعادها لمدة تقارب 9 سنوات، ومجموع ما دخلته إلى الأقصى لا يتجاوز العام الواحد، ناهيك عن القهر الذي أشارت إلى أنه يتولد في صدور المرابطين مع مرور المناسبات الدينية كشهر رمضان المبارك والأعياد الإسلامية وهم يمنعون من أبسط حقوقهم بالصلاة والعبادة وقراءة القرآن في مسجدهم الإسلامي الخالص.
وشددت الحلواني على أهمية التأكيد على أن مسؤولية الرباط والدفاع عن الأقصى هي ليست مسؤولية منفردة على أهل القدس وفلسطين وحدهم، وإنما هو واجب على كل المسلمين في العالم العربي والإسلامي كونه عقيدة، حتى لا يستفرد بنا المحتل ويظن أن أهل الأقصى قلة ويستطيع السيطرة عليهم بالتنكيل والاعتقال والإبعاد وغيرها من الممارسات التنكيلية.
المرابطة منتهى أبو شقرة “أمارة” من قرية زلفة في مدينة أم الفحم بالداخل المحتل، تقول لـ “معراج” إنه لا شك أن الإبعاد أمر صعب على المرابطين والمرابطات بالمسجد الأقصى المبارك، لكنه لا يمنعهم من القدوم للأقصى والرباط على أبوابه وأداء الصلاة ودفع المستوطنين والوقوف في وجههم بالتكبير والتهليل
وأضافت المرابطة أبو شقرة: “هذه المرة الأولى التي تمر عليّ هذه الاقتحامات الموسعة المتزامنة مع الأياد اليهودية وأنا خارج أسوار الأقصى مرغمة بسبب قرار الإبعاد، ورغم ذلك قدِمنا إلى المسجد الأقصى وبقينا على أبوابه وصلينا عليها وكبرنا وهللنا، ووقفنا أمام جماعات المستوطنين التي حاولت استفزازنا برقصاتها وكلامها البذيء وتطاولها على رسول الله بالشتم والقذف، وتصدينا لشرطة الاحتلال التي قمعتنا وضربتنا وحاولت بشتى الطرق إبعادنا، إلا أننا بقينا وسعينا لأن نُسمع صوتنا للقاصي والداني أن هذه الأرض أرضنا والمسجد الأقصى المبارك هو حق خالص لنا، رغم أننا نمنع بقوة السلاح من دخوله والصلاة فيه”.
وأكدت أبو شقرة على أن ما عاشته خلال اليومين الماضيين من اقتحامات وهي خارج الأقصى جعلها تشدد على وجوب وضرورة إثبات الوجود والرباط داخل وخارج الأقصى، قائلة: القوة التي ندعم وننصر بها الأقصى ونحن خارجه وعلى بواباته وفي محيط البلدة القديمة، لا تقل أهمية عما كنا نفعله داخل باحات الأقصى المبارك”.
وأشارت المرابطة إلى أنها أبعدت عن المسجد الأقصى خلال الأعوام السابقة أكثر من 15 مرة، لمدد متفاوتة يصل مجموعها إلى أكثر من 3 سنوات ونصف، مشيرةً إلى أن كل إبعاد كان يسبقه اعتقال وتنكيل ومضايقات عديدة ضمن سلسلة مضايقات ينتهجها الاحتلال بحق المرابطين والمرابطات في الأقصى.
ويذكر أن سلطات الاحتلال تلاحق المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد عنه، وتتفاوت قرارات الإبعاد من أسبوع إلى 6 أشهر قابلة للتمديد.
وتصاعدت اعتداءات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد مدينة القدس وأهلها خلال العام الجاري، بوتيرة متسارعة، في ظل تنامي مخططات التهويد والاستيطان بحق المقدسات الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.
وطالت انتهاكات الاحتلال مناحي مختلفة في حياة المقدسيين، بينها محاربة المرابطين الفلسطينيين في المسجد الأقصى، ومحاولة إبعادهم عنه، للاستفراد به أثناء تنفيذ المستوطنين لاقتحاماتهم المتكررة، أو أدائهم الطقوس التلمودية.