أبلغت سلطات الاحتلال المدارس المقدسية التابعة للبلدية قبل أيام، بأنها لن تستطيع توفير الكتب المدرسية إلا بعد منتصف شهر أكتوبر المقبل وبأعداد قليلة لا تتناسب مع أعداد الطلبة في تلك المدارس، ويمر اليوم السابع على بدء العام الدراسي الجديد دون أن يمتلك الطلبة أية كتاب مدرسي معتمدين فقط على أوراق العمل واجتهادات المعلمين.
الباحث المقدسي د. بلال عبد ربه أكد في حديث خاص لـ “معراج” بأن هذه الخطوة هي سياسة ممنهجة من الاحتلال تهدف لإضعاف العملية التربوية التعليمية إلى جانب ما تقوده من سياسات متدرجة في محاولة فرض المنهاج المحرف والمزيف على الطلبة المقدسيين.
وأشار عبد ربه إلى أن الصراع في قضية التعليم بالقدس هو صراع قديم جداً ويتطور بشكل تدريجي وفق خطوات ممنهجة، لافتاً إلى أن الحالة التي وصلنا إليها اليوم خطيرة جداً تتمثل بـ “الإجبار والتهديد والوعيد” فاليوم لا تستطيع أي مدرسة العمل في مدينة القدس دون التراخيص المطلوبة من بلدية الاحتلال فالرقابة مشددة والقيود كثيرة على المدارس.
وحول محاولات فرض المنهاج الإسرائيلي أوضح الباحث عبد ربه أنه وفي عام 2011 تم التعدي على المناهج الفلسطيني بأسلوب الحذف والتظليل، ثم تطور في 2014 ليطال فقرات كاملة عبر تغييرها واستبدالها بأخرى تتماشى مع الرواية الإسرائيلية بشكل تدريجي حتى عام 2021، لافتاً إلى أن الخطير في الأمر أنه في العام الماضي بدأ الاحتلال بخطوات أكثر تعسفاً عبر قيامه بتغيير دروس بأكملها، ومثال على ذلك إزالة درس “زيارة إلى سجن النقب” في منهاج الصف الثاني الابتدائي، واستبداله بدرس آخر يتحدث عن جار يهودي جديد في منطقة فلسطينية.
ونوه الباحث عبد ربه إلى قضية هامة تتعلق بمنهاج “البجروت” وهي أن منهاج “البجروت” الذي يدرس في مدارس القدس المحتلة يختلف عن الذي يدرس في أراضي الداخل المحتل عام 48، وتتعمد سلطات الاحتلال تقليصه بدرجة كبيرة وخصوصاً في المواد العلمية بحيث أن الطالب المقدسي الذي ينهي دراسته في الصف الـ 12 بهذا المنهاج لا يستطيع أن ينافس زملائه الذين درسوا المنهاج الفلسطيني لأن تحصيله العلمي يكون أضعف بكثير منهم.
ولفت د. عبد ربه إلى أن ما حصل مع المدرسة الإبراهيمية ومدارس الإيمان هو خطوة استباقية تمثلت بالتهديد والوعيد بالإغلاق الفوري إذا لم تلتزم بتطبيق المنهاج المحرف والمزور الذي أقرته حكومة الاحتلال، وتم إعطائها ترخيص مؤقت لمدة عام من أجل التأكد من أن المدرسة تطبق هذا المنهاج في العملية التعليمية داخل أسوارها عبر وفود التفتيش الإسرائيلية التي ترفع تقاريرها عن المدرسة بما يتناسب مع المصلحة والرواية الإسرائيلية.
وحول آخر المستجدات فيما يتعلق بإغلاق وسحب تراخيص بعض المدارس قال عبد ربه لـ “معراج”: “بعد القرارات الجائرة التي صدرت بحق بعض المدارس، اليوم هي تناضل من خلال المحاكم عبر تقديمها استئناف لنقض هذه القرارات”، لافتاً إلى أن الاحتلال ينتهج سياسة المماطلة في مثل هذه القضايا.
وأضاف: “هناك حراك شعبي يقوده اتحاد مجالس أولياء الأمور في مدينة القدس من أجل محاولة تغيير هذه القرارات، وخلال اجتماعنا مع وزارة التربية والتعليم طرحنا مشروع يهدف لتبني الوزارة لهذه المدارس بشكل كامل حتى نقطع الارتباط بينها وبين وزارة المعارف أسوةً ببعض المدارس المحدودة في مدينة القدس”.
ودعى الباحث إلى ضرورة تظافر الجهود من أجل محاولة سد حاجات المدراس، إضافة لتوحيد الجهود لأجل السعي للمحافظة على التعليم في مدينة القدس عبر تطبيق المنهاج الفلسطيني لافتاً إلى أن هذا الأمر يتطلب تناغم كبير لوصول إلى قرارات حاسمة فمرحلة رفع التوصيات انتهت ويجب أن نتوصل لقرارات صريحة تنفذ فوراً.