صادقت الحكومة الإسرائيلية عام 2018، على خطة خمسية تحت ما يسمى “تقليص الفجوات وتحسين نوعية حياة” الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، وبضغوطات من وزيرة القضاء حينها، أييليت شاكيد، تلقت الوزارة ميزانية لإنشاء نظام لتسجيل الأراضي شرق المدينة المحتلة.
وتعمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من خلال هذه الخطة وعبر وزارة القضاء، على تهويد مساحات واسعة من الأراضي في مدينة القدس، عن طريق تسجيل ملكية مناطق واسعة في المدينة المحتلة، تشمل مساحات في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى، باسم “مستوطنين يهود”.
تسجيل الأراضي في محيط الأقصى
مع مطلع الأسبوع الماضي شرعت سلطات الاحتلال بإجراءات تسجيل في الأراضي الواقعة ضمن مخطط “الحديقة القومية” حول أسوار البلدة القديمة جنوب المسجد الأقصى وسط تخوفٍ إسرائيلي من اعتراض مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس والجانبين الأردني والفلسطيني على هذا الإجراء الذي يتسهدف العديد من الأراضي الملاصقة للحرم القدسي الشريف والتي يسعى الاحتلال إلى تهويدها في القدس المحتلة.
المختص القانوني مهند جبارة قال في حديثٍ خاص لـ “معراج”، إن الحديث كان يدور حول عمليات تسوية في شرقي القدس، والتي بدأت بشكل مستقطع في أنحاء مختلفة من شرقي القدس إلى أن وصلت ذروتها اليوم عملياً عبر محاولتهم العبث بالأراضي المتاخمة للحرم القدسي الشريف، وتحديداً في مناطق سلوان وباب المغاربة والبلدة القديمة وأحياء أخرى قريبة جدا من المسجد الأقصى المبارك .
وأضاف جبارة: “قانونياً استعمال آلية التسوية اليوم من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في المناطق الواقعة شرقي القدس، هو عمل غير قانوني ومخالف للقانون الدولي ولمعاهدة جنيف الرابعة على وجه الخصوص، والتي تؤكد على عدم إمكانية المحتل تغيير ملامح هذه المدينة المحتلة والوضعية القانونية لأراضيها”.
وأشار جبارة إلى أن إجراءات التسوية هي أحد ملامح الدولة، وهنا تحاول دولة الاحتلال التدخل في هذا الشأن المحلي لأصحاب المكان وأصحاب الأرض والعبث بالوثائق والسجلات التسجيلية لهذه الأراضي عبر تسجيلها في السجلات الإسرائيلية.
ونوه جبارة إلى أن هذه التسجيلات هي تسجيلات عينية تهدف إلى وضعيات خاصة عبر سعي الاحتلال إلى تثبيت ملكية يهودية لمستوطنيه في بعض المناطق.
وأوضح قائلاً: “حتى وإن كان الغرض هو تنفيذ عمليات تسوية رغم منعها دوليا بسبب كون القدس مدينة محتلة، إلا أنه يجب على سلطات الاحتلال العمل بها بشكل موضوعي يعكس حقيقة ملكية هذه الأراضي لأصحابها الحقيقيين”.
وتابع: “سلطات الاحتلال تقوم بأعمال التسوية ليس لغرض خدمة الفلسطينيين في القدس، وإنما خدمةً للمستوطنين والشركات الاستيطانية، حيث أن هذه الشركات تدعي حصولها على ملكيات متعددة في أرجاء مختلفة من شرقي القدس، وهي تعلم أن هذه الملكية مزورة وغير حقيقية، وإنما تقوم بأعمال التسوية هذه بمساعدة من وزارة القضاء الإسرائيلية لتثبيت ملكية لهذه الشركات الاستيطانية في مناطق حساسة قريبة من المسجد الأقصى المبارك”.
إلغاء الاعتراف بتصاريح المخاتير
وحول ما يتعلق بتغيير وزارة العدل الإسرائيلية للمعايير التي يتم من خلالها تسجيل العقارات المقدسية، عبر إلغاء الاعتراف بالملكية المتعارف عليها والتي تتم عبر مخاتير البلدات والقرى الفلسطينية قال جبارة: “يرتبط هذا الأمر ارتباط كبير بمشاريع التسوية الإسرائيلية فالقانون الإسرائيلي يحتم على ما تسمى دائرة الترخيص في بلدية القدس إعطاء رخص البناء في الأراضي الغير مسجلة اعتمادا على تصاريح المخاتير”.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال تعتقد أن هذه التصاريح سهلة المنال، وتحاول التضييق على الفلسطينيين في هذا المجال عبر إصدارها تعليمات تقضي بعدم إمكانية الاكتفاء بتصاريح المخاتير للمصادقة على ملكيات الأراضي الغير مسجلة في الطابو، وترهق المقدسيين بمطالب عديدة بغرض التضييق عليهم ومنعهم من إصدار التراخيص.
وشدد جبارة خلال حديثه لـ “معراج” على أن أهمية دور المخاتير في تثبيت وتوضيح الملكيات عندما تكون الأراضي غير مسجلة، ولعلم سلطات الاحتلال اليقيني بأن المخاتير لا يتعاونون مع قانون التسوية الإسرائيلي ولا مع الشركات الاستيطانية ولا مع المدعين للملكية من اليهود، قامت باستصدار تعليمات داخلية مناقضة للقانون البريطاني الذي كان ساري المفعول في فلسطين، والذي كان يقتضي الاعتماد على مصادقة المخاتير على ملكية المدعين للحقوق في هذه الأراضي، في تسيير واضح للقوانين لخدمة أغراضهم وأهدافهم الاستيطانية.
والجدير ذكره، أنه ومنذ احتلال المدينة المقدسة عام 1967، لم تسجل سلطات الاحتلال ملكية الأراضي في شرقي القدس، وحتى يومنا هذا هناك أكثر من 90% من الأراضي في شرق القدس، غير منظمة أو مسجلة بملكية أحد في سجلات وزارة القضاء الإسرائيلية.
ويتجنب المقدسيون التعامل مع الوزارات الإسرائيلية في مجال تسجيل الأراضي خوفا من تسريبها أو تهويدها أو احتيال الجهات الإسرائيلية للسيطرة عليها تمهيدا لاستغلالها في مشاريع استيطانية أو لمصادرتها والمطالبة بملكية العقار أو أجزاء منه، بالاعتماد على قانون أملاك الغائبين الذي يسمح لـ”حارس الأملاك” بمصادرة الأصول إذا كانت مسجلة باسم أشخاص موجودين في أراضي “العدو” أو حتى كانوا موجودين فيها.