بقلم: محمد القيق
من جديد تظهر على الساحة الفلسطينية جدلية جذورها أمنية على الأقل؛ وفيها بعض الحرص الذي مصدره فلس من الجماعية في العمل، وضعف أصاب الإجماع على القضايا المهمة للأسرى وأبرزها الاعتقال الإداري.
لا يختلف اثنان في الوطن على أن الاعتقال القسري الإداري هو مقبرة الفصائل والتأثير والتنظيم والتشكيل، وهو السلاح الفاعل المستخدم لمنع الفلسطينيين من لملمة أوراقهم وتقوية جبهتهم وانخراطهم في المقاومة بكل أشكالها.
وفي نفس الوقت هناك خاصرة ضعيفة لنا جميعا وهي تيهان القرار الحاسم لدى الحركة الأسيرة في تصنيف هذا الملف على أقل تقدير أنه خطر على بنيتها خارج السجون وداخلها كما هو أصلا يصنف كوادرها أنهم خطر على أمن مستوطنيه وجنوده.
هنا ومع معرفتنا الجازمة أن هذا الاعتقال جريمة ومجزرة وممنهجٌ بعمق ضد فلسطين؛ وجب أن نعرف أيضا كلمة الحق التي يراد بها باطل فيعمد الاحتلال إلى استخدامها تحت مظلات عديدة أبرزها:
* أن الإضراب الفردي تشتيت للجهود الجماعية وضرب للترتيب لدى الحركة الأسيرة.
* أن الإضراب الفردي استنزاف للمؤسسات والجمهور.
* أن الإضراب الفردي تخصيص وصرف للأنظار عن شيء عام.
وهنا وبكل صراحة نتحدث…
من هو المعتقل إداريا؟! إنه الناشط وقت جلوس غيره والمؤثر وقت صمت كبير والمنظم لخلايا وبناء فصيله وقت الاختراق والإحباط، ببساطة إنه المتفائل حينما تعزز سلاح التفكيك والإحباط.
ثم ماذا؟
للعارف جيدا للسجون والحركة الأسيرة يدرك أنه منذ تسعة أعوام يحاول الأسرى الإجماع على إضراب جماعي، فيتم تأجيله في اللحظات الأخيرة، كما أن إضراب ٢٠١٧ الجماعي حقق صفرا كبيرا بعد أن تآمرت عليه العديد من الجهات.
وهنا والحديث ما زال داخل السجون ما دام لا يوجد قرار جماعي للحركة الأسيرة بخطوات جديدة متصاعدة ضد الاعتقال الإداري فسيبقى الإضراب الفردي سلاح الجميع الذي يسلط الضوء على القضية، وأيضا يعزز ويدفع ويحرض من يقف جانبا أن يترجل ويعطي القرار للخطوة الجماعية.
وبعد تجربة الإضراب الجماعي ٢٠١٧ تبين أن الخبث في مهاجمة الخطوات ليس مستهدفا الفردي وحسب وإنما الجماعي، فوصفوا الفردي بالاستنزافي والعبثي ووصفوا الجماعي بالمتهور والانقلابي، وأنه خطة للانقلاب على السلطة بل وتم تفريق المعتصمين والمناصرين للأسرى.
لذلك ومن منظور يستند للوقائع إن الاحتلال يسعى جاهدا لإحباط كل إنجاز سواء فرديًا أو جماعيًا بل ومن خلال غلمانه يشوه ويحارب ويخوّن وغيرها من الوسائل، وهذا لا ينطبق على خطوات داخل السجون بل تعدت أسوار السجون واستخدمت عام ٢٠١٥ ضد انتفاضة القدس، ولأنها فردية وغير محسوبة لدى مخابراتهم صعقتهم فقالوا إن الشهداء لديهم مشاكل اجتماعية ومتسولون ولديهم أمراض نفسية وغيرها ليضربوا الفردي، وحينما قال الجماعي كلمته في سيف القدس بغرفة مشتركة قالوا إنهم يجرون الناس للموت ويعبثون بأمن المواطنين ويستخدمون المقاومة وسيلة.
لا غرابة في ما يحدث؛ إذ كنا سابقا تحدثنا عن الحرب النفسية التي ما زال الاحتلال في كل يوم يمارسها ويطورها لإحباط الفلسطينيين.
فعلم فلسطيني رفرف في سماء القدس ربطه مقدسي بطائرة صغيرة عمل فردي أثلج الصدور وقهر العابرين، وهكذا نماذج لا يمكن لماكينة الاحتلال التضليلية أن تحبطها.
رأي يواكب كل إضراب عن الطعام وهذا الرأي ينقسم بين متسائل ببراءة الوطن، وخبث بتوجيه المنقهر.
ما دام الاعتقال القسري الإداري مستمرًا؛ فسيبقى خليل ورائد ومن سبقهما ومن سيأتي بعدهما سيفا مسلطا على منفّذه، وإنذارا جديدا للعالم الذي يصمت أمام الاحتلال، ويطالب الضحية بضبط النفس أو بعدم تشتيت الأنظار عن القضية الفلسطينية بفردية إضراب أو قرار جماعي “متهور” للفصائل بالمقاومة.
تبرير جاهز يستخدمه خبثهم ليجعل الجدلية عنوانا ويلغي الفكرة ويغطي المدان.