احتفل المقدسيون على مدار الأيام السابقة بعيد الأضحى المبارك، والذي يصادف اليوم رابع أيامه، واليوم الأخير منه، ضمن أجواء عامرة بالفرح والبهجة، إلا أنها منقوصة عند بعض العوائل المقدسية، بسبب غياب أبنائهم الأسرى خلف قضبان سجون الاحتلال.
فالعيد عند عوائل الأسرى ممزوج بغصة القهر والحرمان، فكل عائلة منهم تمنت لو أن الفرحة تكتمل بوجود ابنها معهم، يشاركهم تفاصيل العيد وبهجته، إلا أن الاحتلال أبى إلا وأن يعكر صفو هذه الفرحة، بانتهاكاته القمعية وجرائمه المستمرة بحق أبناء القدس.
فلا ذنب للأسير المقدسي سوى أنه هب للدفاع عن أرضه ومدينته المباركة، ووقف سدًا منيعا أمام هدم منزله أو تجريف أرضه أو الاعتداء على مقدساته، ما جعله يشكل قلقا للاحتلال الذي لم يجد حلًا سوى أسره داخل سجونه المظلمة، التي تخالف كل معايير حقوق الإنسان.
الأسرى المقدسيون
ويقبع في سجون الاحتلال الظالمة أكثر من 5000 فلسطيني، بعضهم من مدينة القدس، في ظل أوضاع نفسية وصحية وإنسانية صعبة.
رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب كشف في حديث خاص لـ “معراج” عن وجود نحو 470 مقدسيًا في سجون الاحتلال من حملة الهوية الزرقاء، فيما يقبع نحو 250 آخرين من حملة هوية الضفة الغربية، في البلدات المقدسية التي فصلها الاحتلال بجدار الفصل العنصري، إضافة لـ 13 سيدة وفتاة من بينهن أمهات، و52 طفل قاصر.
ومن بين الأسرى المقدسيين المعتقلين الأسير سمير أبو نعمة والذي يعد أقدم أسير مقدسي في سجون الاحتلال، والمعتقل منذ نحو 38 عاما على التوالي، وأيضًا الأسير علاء الدين المزيان، والذي قضى في سجون الاحتلال نحو 40 عاما على فترات متفرقة وهو أحد محرري صفقة وفاء الأحرار الذين أعيد اعتقالهم بقرارات كيدية من الاحتلال.
الأسرى المرضى
معاناة الأسرى تتضاعف عند الأسرى المرضى منهم، والذي يعانون من أوضاع صحية صعبة للغاية نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد، والإذلال الذي تتعمد ما تسمى مصلحة السجون استخدامه ضد الأسير المريض، في محاولة من النيل من عزيمته، وزيادة إرهاق وضعه الصحي والنفسي.
وقد بين أبو عصب أن عددًا من الأسرى المقدسيين يعانون من أوضاع صحية صعبة جدًا، ومن بينهم: الأسير أيمن الكرد، علاء الدين المزيان، علي بعلة، أحمد مناصرة، وفدوى حمادة.
ورغم أمراضهم وآلامهم إلا أن الاحتلال يرفض أي تدخل خارجي للحد من كل تلك الآلام، ويكتفي بما تقدمه ما تسمى عياداته الصحية من خدمات لا ترتقي حتى لتسكين الألم لا علاجه.
الأسرى والعيد
وعن أوضاع الأسرى في العيد، قال أبو عصب: “الأسير يجد نفسه بعيدًا عن أهله، بين رفاقه الأسرى، ولا يستطيع أن يصل الرحم أو أن يقدم التهاني لعائلته وأصدقائه وأحبابه، فيمر العيد بلمسة حزينة يملأها الألم والشوق والأمنيات”.
ورغم الألم الذي يتعرض له الأسرى في أيام العيد إلا أنه لا يمنعهم عن الفرحة، امتثالا لأمر الله -سبحانه-، فيحاولون صناعة الفرح وسط الألم، من خلال التكبيرات وزيارة بعضهم البعض والترويح عن أنفسهم.
ولا يغيب الجانب الإيماني عن حياة الأسير في العيد، وهو ما بينه أبو عصب قائلا:” رغم ألم البعد والأسر، إلا أن الأسرى يستغلون أيام العيد بالصلاة والتضرع لله -عز وجل- بأن يثبتهم ويثبت ذويهم ويمن عليهم بالحرية”.
سفراء الأسرى
وفي موسم الحج حظي نحو 42 فردًا من ذوي الأسرى المقدسيين في سجون الاحتلال على مكرمة خادم الحرمين الشريفين، لأداء مناسك الحج هذا الموسم في الأراضي السعودية.
وقال أبو عصب:” إن ذوي الأسرى المقدسيين الذين خرجوا هذا العام لأداء مناسك الحج، هم سفراء للأسرى ولقضيتهم، فهم ينقلون معاناتهم لذلك المكان المبارك الذي يجتمع فيه الناس من مختلف دول العالم”.
وبين أنهم يستغلون هذا الموسم بالدعاء لأبنائهم بأن يعم عليهم بفرحة الحرية من سجون الاحتلال، وأن يثبتهم على مصابهم الجلل، وينهي معاناتهم، وأن يأتي العيد القادم وقد تحرروا جميعًا، واجتمعوا أخيرا بين عوائلهم، لتكتمل الفرحة وتعم السعادة في بيوت جميع الأسرى.