تخوّفات في الأوساط الأمنية ولدى المستوطنين وتعزيزات عسكرية في القدس والضفة، وحالة من الهلع والصدمة أصابت وسائل الإعلام الإسرائيلي في الوقت الذي اعتبرت فيه “عملية القدس” بأرقام قتلاها أولى التحديات الخطيرة التي تصطدم بحكومة نتنياهو المتطرفة.
الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي محمد مصالحة، يقول في حديثٍ خاص لـ “معراج”، بين ليلةٍ وضحاها، انقلب الإعلام الإسرائيلي من حالة “فرد العضلات” بما أنجزه جيش الاحتلال في جنين من “مجزرة” أتت على -عش للإرهاب- كما وصفوه، إلى حالة من التخبط والهوس الأمني، اشتعلت من “عمليات القدس” بدءً من تراشق الاتهامات التي تحدثت عن التقصير الأمني لجهازي “الشاباك” و”الشرطة”.
ويوضح مصالحة أن الرأي العام الإسرائيلي كان محبطاً إحباطاً شديد قبل تنفيذ هذه العملية، فقد كان في حالة نزيف وانقسام واضح ملئه الكراهية، لافتاً إلى أن دولة “إسرائيل” تقف على “كف عفريت” بسبب حالة -التعدي على الديمقراطية- كما يصيفونها والتي قامت بالانقلاب الذي أجراه نتنياهو على الجهاز القضائي.
ويشير الباحث إلى أن نتنياهو قبل إيذانه بعملية جنين كان قد خرج من عدة اجتماعاتٍ مع أكبر اقتصاديي الدولة بنفسية محطمة جداً، ثم جاءت عمليات القدس لتحطم نفسيته أكثر فأكثر، وهذا ما أدركه من شاهد نتنياهو ليلة العملية في موقع الحدث، وهو في حالة ضعفٍ وانكسارٍ شديدين، وذلك لأنه لا يملك أيُّ جوابٍ أو رد يقدمه للرأي العام.
ويشدد على أن ما جرى في جنين من عملية عسكرية كان مجرد محاولةٍ من نتنياهو لتغيير الأنظار وتشتيتها عن مظاهرات الوسط واليسار الحاشدة التي كانت ستملئ “تل أبيب” ليلة السبت، كما عادته في كل مرة، لافتاً إلى أن هذه العملية العسكرية هي بعينها الحماقة التي كنا نحذر من أن يرتكبها نتنياهو لتحقيق هذا الغرض، لكن الريح لم تأت بما اشتهاه هذا الأحمق وجاء الرد أسرع مما كان يتوقع.
ويتابع مصالحة بقوله: “قضية إيمان الشعب الإسرائيلي والرأي العام الإسرائيلي بمقولة “الجيش الذي لا يقهر”، وقضية الترويج في الآونة الأخيرة لترهيب الفلسطينيين من قضية المستعربين، جميعها أتت لتنقلب رأساً على عقب، وليس على يد التنظيمات الفلسطينية المسلحة، وإنما المبادرات الشخصية الفردية التي تحدث اليوم في القدس”.
ويؤكد على أن أعظم ما يناقشه قادة الجيش والأنظمة الأمنية اليوم، هو كيف بإمكانهم الدخول إلى رأس طفل لم يبلغ بعد 13 عاماً واكتشاف ما يفكر أو يخطط له، وكم أيضاً من أبناء جيله يحملون نفس الفكر من دون أي يعرف حتى أهاليهم بذلك.
وينوه الباحث إلى إن مسألة إراقة الدم (الإسرائيلي الإسرائيلي) كانت مجرد مسألة وقت، وكنا نبحث كيف يمكن ألا تصل حالة سيلان الدم في الشارع الإسرائيلي إلى الفلسطيني على مبدأ السياسة التي يقودها درعي ونتنياهو والتي تقوم على عكس الأزمات الداخلية على انتصارات مزيفة تأتي على حساب الفلسطينيين ودماؤهم.
ويقول مستدركاً: “نحن أمام رئيس حكومة يريد فقط أن يظفر بملفه الشخصي دون الاهتمام بالدولة، في الوقت الذي يقف خلفه مجموعة من النمور سافِكي الدماء المليئين بالتطرف والعنصرية”.