معراج – القدس
تبعد بلدة صور باهر نحو 4 كيلومترات جنوب القدس، ووقعت تحت الاحتلال “الإسرائيلي” خلال عدوان يونيو/حزيران 1967. منذ ذلك الحين، تواجه القرية اعتداءات متواصلة من جيش الاحتلال والمستوطنين، إلى جانب مصادرة مساحات واسعة من أراضيها بسبب الجدار العازل الذي يلتهم أجزاء كبيرة منها.
الموقع والتسمية
تتمركز بلدة صور باهر جنوب مدينة القدس، على بُعد 4.62 كيلومترات منها، وترتفع 742 متراً عن سطح البحر، تمتاز بموقعها الاستراتيجي بين القدس وبيت لحم، وتندرج إداريًا ضمن نطاق مدينة القدس.
تحيط بها مستوطنة “رامات حيل” من الغرب، و”هار حوما” من الجنوب، بينما تمتد منطقة السواحرة إلى الشرق، في حين تحدّها من الشمال مستوطنتا “أرمون هنتسيف” و”أرنونا”.
تعددت تفسيرات اسم قرية صور باهر وتنوعت تسمياتها عبر العصور. فبعض المصادر تشير إلى أن “صور باهر” هو اسم كنعاني قديم تغير نطقه مع مرور الزمن، في حين يرى آخرون أن أصله “سور بحر”، وهو اسم عبري قديم.
هناك روايات أخرى تفيد بأن اسمها يعود إلى “سور قهر”، وهو تعبير أرمني يعني “المكان الجميل”، بينما يشير البعض إلى أنه لفظ سرياني. كما عُرفت أيضًا بـ “سر باهر”، ولقبت بـ “بلد العمرين” نسبة إلى عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص.
أما الصليبيون فقد أطلقوا عليها اسم “سربيل”، ثم تطور الاسم ليصبح “مطوبا”، ولاحقًا “أم طوبا”. كما لُفظت بأسماء أخرى مثل “سور باهل”، و”الكوكب”، وأحيانًا “بلد الصوان” بسبب وفرة حجر الصوان في المنطقة.
يعود تاريخ “صور باهر” المدون إلى أول إحصاء رسمي في سنة 950 هجريًا، الموافق 1543 ميلاديًا، خلال فترة حكم الدولة العثمانية. ومن المعروف أن أي إحصاء لا يتم إلا بوجود سكان، وتشير الروايات التاريخية إلى أن المنطقة شهدت عملية إعمار في عصر المماليك، أي قبل أكثر من 100 عام من هذا الإحصاء.
تجدر الإشارة إلى أن سجلات المحاكم الشرعية في القدس، التي تتبع لها صور باهر، كانت سباقة في قضاياها مقارنة بمدينة حلب في سوريا.
وتكشف وثيقة الإحصاء العثماني لسكان صور باهر في سنة 950 هجرية عن وجود 20 أسرة في القرية آنذاك.
قبل الاحتلال الإسرائيلي، قُدر عدد سكان القرية بنحو 3 آلاف نسمة، وفي عام 2025 تجاوز عددهم 25 ألف نسمة.
تنقسم عائلات قرية صور باهر إلى 6 عشائر رئيسية، هي:
- عشيرة العمرة: تضم عائلات محمد الحاج، إبراهيم العلي، خميس، أحمد عوض، ومحمد عوض.
- عشيرة البكيرات: تشمل عائلات حمدان، حمادة، حامد، عفانة، وبسيط.
- عشيرة الجبور: تضم عائلات عطون، جاد الله، وعبد الجواد.
- عشيرة الدويات: تشمل عائلات دبش، نمر، حماد، عليان، قاسم، وأبو عواد.
- عشيرة الفواقة: تضم عائلات أبو حامد، داود، عوض الله، العسلة، الأطرش، والمصري.
- عشيرة أبو طير: تشمل عائلات جابر، جندل، الشنيطي، والشمالي.
تقدر مساحة قرية صور باهر بحوالي 9600 دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع)، منها نحو 1853 دونمًا مخصصة للأبنية والمنازل.
كان القطاع الزراعي يشكل المصدر الرئيسي للاقتصاد في القرية، حيث تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة 804 دونمات، ما يعادل 8.5% من إجمالي مساحة أراضيها.
مثل معظم ضواحي القدس، فقدت صور باهر أراضيها الخصبة بعد الاحتلال الإسرائيلي في نكبة عام 1948.
تعتبر الأشجار المثمرة الركيزة الأساسية للزراعة في صور باهر، حيث تهيمن زراعة أشجار الزيتون واللوزيات على باقي أنواع المحاصيل، وذلك بفضل الموقع الجبلي للبلدة الذي يتوسط الهضاب.
في الماضي، كان هناك 30 بئرًا بيزنطيًا قديمًا في القرية، ومع مرور الوقت، انتشرت الآبار لتصل إلى كل البيوت.
كما كانت تمر عبر صور باهر قناة مياه رئيسية تمد مدينة القدس بالماء، وكان مصدرها برك سليمان. وكان سكان المنطقة يتولون مهمة حراستها وحمايتها من الأضرار والتخريب ومحاولات سرقة المياه.
معالم البلدة التاريخية
من أبرز معالم قرية صور باهر المسجد العمري، الذي يُعد أول مسجد يُبنى فيها، وسُمي نسبة إلى الصحابي الجليل عمر بن الخطاب الذي زار القرية خلال الفتوحات الإسلامية.
كان يُطلق عليه أيضًا اسم مسجد عمر بن الخطاب، وفي عام 1952 هُدم بناؤه القديم، ثم أعيد بناء الجزء الرئيسي منه في عام 1955 بمساحة تقدر بحوالي نصف دونم. وفي مراحل لاحقة، تمت إضافة الجزء الشمالي للمسجد ليتسع لأكثر من ألف مصلٍ. ويعد هذا المسجد هو الوحيد في القرية الذي تقام فيه صلاة الجمعة وصلاة العيدين.
تضم قرية صور باهر العديد من المدارس، أقدمها مدرسة ابتدائية تأسست عام 1943، والتي تحولت بين عامي 1966 و1967 إلى مدرسة إعدادية. كما تحتوي القرية على مدارس رياض الأقصى، ومدرسة أبو بكر للبنات، ومدرسة بنات عثمان، ومدرسة علي بن أبي طالب، ومدرسة عمر بن الخطاب، ومدارس البلدية، ومدرسة صور باهر للبنات، ومدرسة شمس.
بشكل عام، تحتوي القرية على 15 مدرسة، بالإضافة إلى 5 مراكز صحية، وأكثر من 4 مؤسسات أهلية. كما يوجد فيها ناد ثقافي يحمل اسم القرية تأسس عام 1978.
وتحيط بالقرية عدة خرب تاريخية، منها خربة صبحة شمالًا التي تضم صهاريج ومدفنًا ومبنى بحجارة منحوتة، ويعود تاريخها إلى العهد الروماني، إلى جانب خربة السون وخربة دير العامود.
بلدة لم تسلم من الاحتلال
تعاني قرية صور باهر، مثلها مثل مدينة القدس والبلدات المجاورة مثل سلوان وبيت صفافا وجبل المكبر والعيسوية، من اعتداءات مستمرة من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين. كما تشهد القرية اكتظاظًا شديدًا نتيجة لسياسة إسرائيل التي تمنع سكانها من البناء.
تحيط بالقرية مستوطنات إسرائيلية من ثلاث جهات؛ مستوطنة “أرمون تسيف” في الشمال، و”رامات راحيل” و”أرنونا” في الغرب، و”هار حوما” في الجنوب، بينما يقف الجدار العازل في الشرق ليزيد من عزل القرية عن محيطها.